الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                        معلومات الكتاب

                        إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول

                        الشوكاني - محمد بن علي بن محمد الشوكاني

                        صفحة جزء
                        [ ص: 329 ] الفصل الحادي عشر : في تعاقب أمرين متماثلين أو متغايرين

                        اختلفوا إذا تعاقب أمران بمتماثلين بمتماثلين ، هل يكون الثاني للتأكيد ، فيكون المطلوب الفعل مرة واحدة ، أو للتأسيس فيكون المطلوب الفعل مكررا ، وذلك نحو أن يقول : صل صل ركعتين ، صل ركعتين ، فقال الجبائي وبعض الشافعية : أإنه للتأكيد ، وذهب الأكثر إلى أنه للتأسيس ، وقال أبو بكر الصيرفي بالوقف في كونه تأسيسا أو تأكيدا ، وبه قال أبو الحسين البصري .

                        احتج القائلون بالتأكيد : بأن التكرير قد كثر في التأكيد ، فكان الحمل على ما هو أكثر ، وإلحاق الأقل به أولى أولى ، وبأن الأصل البراءة من التكليف المتكرر ، فلا يصار إليه مع الاحتمال .

                        ويجاب : بمنع كون التأكيد أكثر في محل النزاع ، فإن دلالة كل لفظ على مدلول مستقل هو الأصل الظاهر ، وبمنع صحة الاستدلال بأصلية البراءة ، أو ظهورها ، فإن تكرار اللفظ يدل على مدلول كل واحد منهما أصلا وظاهرا ; لأن أصل كل كلام وظاهره الإفادة ، لا الإعادة .

                        وأيضا التأسيس أكثري ، والتأكيد أقلي ، وهذا معلوم عند كل من يفهم لغة العرب .

                        وإذا تقرر لك رجحان هذا المذهب عرفت عرفت منه بطلان ما احتج به القائلون بالوقف من أنه قد تعارض الترجيح في التأسيس والتأكيد .

                        أما لو لم يكن الفعلان من نوع واحد ، فلا خلاف أن العمل بهما متوجه نحو صل ركعتين ، صم يوما ، وهكذا إذا كانا من نوع واحد ، ولكن قامت القرينة الدالة على أن المراد التأكيد نحو صم اليوم ، صم اليوم ، ونحو صل ركعتين ، صل ركعتين ، فإن التقيد باليوم وتعريف الثاني يفيدان أن المراد بالثاني هو الأول ، وهكذا إذا اقتضت العادة أن المراد التأكيد نحو اسقني ماء ، وهكذا إذا كان التأكيد بحرف العطف ، نحو صل ركعتين ، وصل وصل ركعتين ; لأن التكرير المفيد للتأكيد لم يعهد إيراده بحرف العطف ، وأقل الأحوال أن يكون قليلا ، والحمل على الأكثر أولى أولى .

                        أما لو كان الثاني مع العطف معرفا بالظاهر فالظاهر التأكيد نحو صل ركعتين وصل وصل الركعتين ; لأن دلالة اللام على إرادة التأكيد أقوى من دلالة حرف العطف على إرادة التأسيس .

                        التالي السابق


                        الخدمات العلمية