الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                        معلومات الكتاب

                        إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول

                        الشوكاني - محمد بن علي بن محمد الشوكاني

                        صفحة جزء
                        فرع : في تعريف الصحابي

                        إذا عرفت أن الصحابة كلهم عدول ، فلا بد من بيان من يستحق اسم الصحبة ، وقد اختلفوا في ذلك :

                        فذهب الجمهور إلى أنه من لقي النبي صلى الله عليه وآله وسلم مؤمنا به ولو ساعة ، [ ص: 228 ] سواء روى عنه ، أم لا .

                        وقيل : هو من طالت صحبته وروى عنه ، فلا يستحق اسم الصحبة إلا من جمع بينهما .

                        وقيل : هو من ثبت له أحدهما ، إما طول الصحبة ، أو الرواية .

                        والحق ما ذهب إليه الجمهور ، وإن كانت اللغة تقتضي أن الصاحب هو من كثرت ملازمته ، فقد ورد ما يدل على إثبات الفضيلة لمن لم يحصل له منه إلا مجرد اللقاء القليل أو الرؤية ولو مرة .

                        وقد ذكر بعض أهل العلم اشتراط الإقامة مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم سنة فصاعدا ، أو الغزو معه ، روي ذلك عن سعيد بن المسيب ، وقيل ستة أشهر ، ولا وجه لهذين القولين ; لاستلزامهما خروج جماعة من الصحابة الذين رووا عنه ، ولم يبقوا لديه إلا دون ذلك ، وأيضا لا يدل عليهما دليل من لغة ولا شرع .

                        وحكى القاضي عياض عن الواقدي أنه يشترط أن يكون بالغا ، وهو ضعيف ; لاستلزامه لخروج كثير من الصحابة الذين أدركوا عصر النبوة ، ورووا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يبلغوا إلا بعد موته .

                        ولا تشترط الرؤية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ; لأن من كان أعمى مثل ابن أم مكتوم قد وقع الاتفاق على أنه من الصحابة .

                        وقد ذكر الآمدي وابن الحاجب وغيرهما من أهل الأصول ، أن الخلاف في مثل هذه المسألة لفظي ، ولا وجه لذلك ، فإن من قال بالعدالة على العموم ، لا يطلب تعديل أحد منهم ، ومن اشترط في شروط الصحبة شرطا ، لا يطلب التعديل مع وجود ذلك الشرط ، ويطلبه مع عدمه ، فالخلاف معنوي لا لفظي .

                        التالي السابق


                        الخدمات العلمية