[ ص: 247 ] قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=142وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين
قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=142وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة فيه ثلاث مسائل :
الأولى
nindex.php?page=treesubj&link=28978قوله تعالى nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=142وواعدنا موسى ثلاثين ليلة ذكر أن مما كرم الله به
موسى صلى الله عليه وسلم هذا فكان
nindex.php?page=treesubj&link=31908_31910وعده المناجاة إكراما له .
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=142وأتممناها بعشر قال
ابن عباس ومجاهد ومسروق رضي الله عنهم : هي ذو القعدة وعشر من ذي الحجة . أمره أن يصوم الشهر وينفرد فيه بالعبادة ; فلما صامه أنكر خلوف فمه فاستاك . قيل : بعود خرنوب ; فقالت الملائكة : إنا كنا نستنشق من فيك رائحة المسك فأفسدته بالسواك . فزيد عليه عشر ليال من ذي الحجة . وقيل : إن الله تعالى أوحى إليه لما استاك : يا
موسى لا أكلمك حتى يعود فوك إلى ما كان عليه قبل ، أما علمت أن رائحة الصائم أحب إلي من ريح المسك . وأمره بصيام عشرة أيام . وكان كلام الله تعالى
لموسى صلى الله عليه وسلم غداة النحر حين فدى
إسماعيل من الذبح ، وأكمل
لمحمد صلى الله عليه وسلم الحج . وحذفت الهاء من عشر لأن المعدود مؤنث . والفائدة في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=142فتم ميقات ربه أربعين ليلة وقد علم أن ثلاثين وعشرة أربعون ، لئلا يتوهم أن المراد أتممنا الثلاثين بعشر منها ; فبين أن العشر سوى الثلاثين . فإن قيل : فقد قال في البقرة أربعين وقال هنا ثلاثين ; فيكون ذلك من البداء . قيل : ليس كذلك ; فقد قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=142وأتممناها بعشر والأربعون ، والثلاثون والعشرة قول واحد ليس بمختلف . وإنما قال القولين على تفصيل وتأليف ; قال أربعين في قول مؤلف ، وقال ثلاثين ، يعني شهرا متتابعا وعشرا . وكل ذلك أربعون ; كما قال الشاعر :
عشر وأربع
. . . يعني أربع عشرة ، ليلة البدر . وهذا جائز في كلام العرب .
الثانية : قال علماؤنا : دلت هذه الآية على أن ضرب الأجل للمواعدة سنة ماضية ، ومعنى
[ ص: 248 ] قديما أسسه الله تعالى في القضايا ، وحكم به للأمم ، وعرفهم به مقادير التأني في الأعمال . وأول أجل ضربه الله تعالى الأيام الستة التي خلق فيها جميع المخلوقات
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=38ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب . وقد بينا معناه فيما تقدم في هذه السورة من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=54إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : فإذا ضرب الأجل لمعنى يحاول فيه تحصيل المؤجل فجاء الأجل ولم يتيسر زيد فيه تبصرة ومعذرة . وقد بين الله تعالى ذلك
لموسى عليه السلام فضرب له أجلا ثلاثين ثم زاده عشرا تتمة أربعين . وأبطأ
موسى عليه السلام في هذه العشر على قومه ; فما عقلوا جواز التأني والتأخر حتى قالوا : إن
موسى ضل أو نسي ، ونكثوا عهده وبدلوا بعده ، وعبدوا إلها غير الله . قال
ابن عباس : إن
موسى قال لقومه : إن ربي وعدني ثلاثين ليلة أن ألقاه ، وأخلف فيكم
هارون ، فلما فصل
موسى إلى ربه زاده الله عشرا ; فكانت فتنتهم في العشر التي زاده الله بما فعلوه من عبادة العجل ; على ما يأتي بيانه . ثم الزيادة التي تكون على الأجل تكون مقدرة ; كما أن الأجل مقدر . ولا يكون إلا باجتهاد من الحاكم بعد النظر إلى المعاني المتعلقة بالأمر : من وقت وحال وعمل ، فيكون مثل ثلث المدة السالفة ; كما أجل الله
لموسى . فإن رأى الحاكم أن يجمع له الأصل في الأجل والزيادة في مدة واحدة جاز ، ولكن لا بد من التربص بعدها لما يطرأ من العذر على البشر ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي . روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836118أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغ ستين سنة .
قلت : وهذا أيضا أصل لإعذار الحكام إلى المحكوم عليه مرة بعد أخرى . وكان هذا لطفا بالخلق ، ولينفذ القيام عليهم بالحق . يقال : أعذر في الأمر أي بالغ فيه ; أي أعذر غاية الإعذار الذي لا إعذار بعده . وأكبر الإعذار إلى بني آدم بعثة الرسل إليهم لتتم حجته عليهم ،
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=15وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا . وقال
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=37وجاءكم النذير قيل : هم الرسل .
ابن عباس : هو الشيب . فإنه يأتي في سن الاكتهال ، فهو علامة لمفارقة سن الصبا . وجعل الستين غاية الإعذار لأن الستين قريب من معترك العباد ، وهو سن الإنابة والخشوع والاستسلام لله ،
[ ص: 249 ] وترقب المنية ولقاء الله ; ففيه إعذار بعد إعذار . الأول بالنبي عليه السلام ، والثاني بالشيب ; وذلك عند كمال الأربعين ; قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=15وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك . فذكر عز وجل أن من بلغ أربعين فقد آن له أن يعلم مقدار نعم الله عليه وعلى والديه ويشكرها . قال
مالك : أدركت أهل العلم ببلدنا ، وهم يطلبون الدنيا ويخالطون الناس حتى يأتي لأحدهم أربعون سنة ; فإذا أتت عليهم اعتزلوا الناس .
الثالثة : ودلت الآية أيضا على أن التاريخ يكون بالليالي دون الأيام ; لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=142ثلاثين ليلة لأن الليالي أوائل الشهور . وبها كانت الصحابة رضي الله عنهم تخبر عن الأيام ; حتى روي عنها أنها كانت تقول : صمنا خمسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . والعجم تخالف في ذلك ، فتحسب بالأيام ; لأن معولها على الشمس .
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : وحساب الشمس للمنافع ، وحساب القمر للمناسك ; ولهذا قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=142وواعدنا موسى ثلاثين ليلة . فيقال : أرخت تاريخا ، وورخت توريخا ; لغتان .
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=142وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح المعنى : وقال
موسى حين أراد المضي للمناجاة والمغيب فيها لأخيه
هارون : كن خليفتي ; فدل على النيابة . وفي صحيح
مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
لعلي حين خلفه في بعض مغازيه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836119أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي . فاستدل بهذا
الروافض والإمامية وسائر فرق
الشيعة على أن النبي صلى الله عليه وسلم استخلف
عليا على جميع الأمة ; حتى كفر الصحابة
الإمامية - قبحهم الله - لأنهم عندهم تركوا العمل الذي هو النص على استخلاف
علي واستخلفوا غيره بالاجتهاد منهم . ومنهم من كفر
عليا إذ لم يقم بطلب حقه . وهؤلاء لا شك في كفرهم وكفر من تبعهم على مقالتهم ، ولم يعلموا أن هذا استخلاف في حياة كالوكالة التي تنقضي بعزل الموكل أو بموته ، لا يقتضي أنه متماد بعد وفاته ; فينحل على هذا ما تعلق به الإمامية وغيرهم . وقد استخلف النبي صلى الله عليه وسلم على
المدينة nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم [ ص: 250 ] وغيره ، ولم يلزم من ذلك استخلافه دائما بالاتفاق . على أنه قد كان
هارون شرك مع
موسى في أصل الرسالة ، فلا يكون لهم فيه على ما راموه دلالة . والله الموفق للهداية .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=142وأصلح أمر بالإصلاح . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : كان من الإصلاح أن يزجر
السامري ويغير عليه . وقيل : أي ارفق بهم ، وأصلح أمرهم ، وأصلح نفسك ; أي كن مصلحا .
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=142ولا تتبع سبيل المفسدين أي لا تسلك سبيل العاصين ، ولا تكن عونا للظالمين .