الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ابتغِ إلى العربيّة سبيلًا

ابتغِ إلى العربيّة سبيلًا

ابتغِ إلى العربيّة سبيلًا

يقول خوسيه ريزال: إن الذي لا يحب لغته الأم ؛ هو أسوأ من سمكة نتنة، ولكي لاتكون أسوأ من سمكة نتنة أحب لغتك الأم .
لا جرم كانت الدول المتقدمة أشد تمسكًا بلغتها الأم من الدول المتأخرة؛ فلا توجد دولة تهمش لغتها، وتستبدلها بلغة أخرى، وتلحق بركب الدول المتقدمة؛ لهذا أعاد اليهود إحياء لغتهم الميتة التي كادت أن تتلاشى، واعتمدوها في دولتهم القائمة على أنقاض فلسطين؛ لتكون لهم دولتهم ولغتهم التي تميزهم عن غيرهم، وعلى جانب آخر يميت العرب لغة حية.

إن الابتعاد عن اللغة الأم هو ابتعاد عن تاريخ كامل من الحضارة، وإن جهل هذه اللغة هو جهل بالماضي، ولا مستقبل لمن لا ماضي له.
لاشك أن اللغة هي التي تميز شعب عن آخر، وكل لغة تناسب شعبها وترتبط به، وإن استيراد لغة أخرى يعني استيراد ثقافة كاملة، وهي لاشك تتعارض في معظم النواحي مع ثقافات الشعوب مما يؤدي إلى(الازدواجية الثقافية) في المجتمع؛ لا ينتمي إلى ثقافته ولا ثقافة غيره تنتمي له؛ مما يزيد في التخلف والتأخر، لأجل هذا تتمسك الدول المتقدمة بلغاتها، ولا تستبدلها.

أدت دراسات سايبر(عام 1920) إلى إدراك "أن لغات الجماعات لا تختلف فقط عن بعضها بعضًا؛ بل إن فهم الجماعة للعوالم المادية والاجتماعية حولهم يختلف أيضًا من جماعة إلى أخرى، وبدا واضحًا أن الناس أو الشعوب التي تستخدم لغات مختلفة؛ كانت بالفعل تشعر بواقع اجتماعي مختلف"
فكيف يمكن إدراك واقعنا الاجتماعي بدون لغتنا؟ وكيف يمكن أن نستعمل لغة أخرى دون أن ننفصل عن واقعنا الاجتماعي؟!
لا خلاف أن الضرر جسيم من عدم استخدام اللغة العربية؛ خصوصًا في التعليم والتعليم العالي، وكما قال الدكتور نزار الزين: إن التقصير في تعريب التعليم العالي؛ يحملنا على أن نظل في ضبابية تجاه واقعنا الاجتماعي والنفسي، لا نستطيع أن نقدره أو نقومه تقويمًا صحيحًا ولعلنا بعدم تعريب التعليم العالي نخطط لعدم تنمية مجتمعنا.

وقد أظهر استطلاع أجري بين الطلبة اللبنانيين أن أكثر من 68 في المائة منهم يتمنون حذف مقرر اللغة العربية من مناهج التعليم في المدارس، وأن 79 في المائة منهم يفضلون تعلم لغة أجنبية بدلا من العربية، إن المشكلة تكمن في أن تحل لغة ما بدل من اللغة العربية؛ لا أن تكون إضافة إلى محصلة اللغات التي يتعلمها الطلبة أو الأفراد.

إن اللغة العربية هي ذاتها لم تتغير منذ أن كانت لغة العلم والحضارة إلى أن أصبح غيرها لغة التقدم والتحضر؛ فإذا كنا نربط اللغة بالتقدم ( باعتمادها لغة العلم والبحث والدراسات) فستكون كذلك في عقول الناس، وإن ربطناها بالرجعية والتخلف(بإقصائها عن الحياة العلمية والعملية) فستكون أيضًا كذلك في عقول الناس؛ لأن المشكلة ليست في اللغة إنما في بناء المعلومات على أساس الظواهر بدلًا من الحقائق؛ إذن يجب أن بناء الظواهر تخدم الحقائق لا أن تعارضها.

إن استعمال اللهجة العامية كدرع؛ ليحمي اللغة إنما هو لزيادة في هوان اللغة؛ لأن العامية هجينة ضعيفة أما الفصحى فهي قوية راسخة كالبناء الشامخ.
لطالما اشتكت اللغة العربية من أهلها، ولطالما اشتكى الأدباء من أجلها، وإن هذا منبعه الهرب من الواقع المتخلف، ومحاولة تقمص لغة حضارة أخرى.
وإذا كانت هذه هي المشكلة؛ فإن الحل كما أوجزه عمر بن الخطاب بقوله:( تعلموا العربية؛ فإنها تثبت العقل، وتزيد في المروءة)

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة