ما الجديد في ذكرى وعد بلفور , لقد حفظنا في مدارسنا : ( إن وعد بلفور هو وعد من لا يملك لمن لا يستحق ) , دون أن ندري من بلفور؟ , ومن الذي لا يملك؟ , ومن الذي لا يستحق؟ !! .
واليوم بعد أن أدركنا أبعاد قضية فلسطين , تأكد في أعماق نفوسنا , أن وعد بلفور , هو إعلان مقاومة مشروعة , وبداية نضال شعب بأكمله , وليس لفصيل دون فصيل .
لقد وقفت أمام هذا الاسم : هربرت صمويل , وهو وزير يهودي في الحكومة البريضانية , تقدم في عام 1908 , أي ما قبل وعد بلفور بتسعة أعوام , تقدم إلى حكومته بإنشاء دولة لليهود في فلسطين , وطيلة الأعوام التسعة , كان يسعى لإظهار مذكرته إلى أرض الواقع , حتي تشكلت لجنة رباعية للبت في الأمر , وخرجت على العالم في 2 /11 / 1917 , بما أطلقوا عليه وعد بلفور , وهو وزير خارجية بريطانيا آنذاك .
فكرة في رأس هربرت صمويل , ظل مصرّاً عليها وعلى تنفيذها 8 سنوات , دون كلل ودون تعب , من كان وراء هذا الرجل ؟ ولمن كان يعمل ؟ وما علاقة الصهيونية العالمية باليهود منذ مؤتمر بال ؟ .
المهم عند هربرت أن تنجح فكرته , فهي فرصته التاريخية , خاصة قبل أن تنتهي فرصة وجوده كوزير بريطاني في حكومة انجلترا , والمهم أن مذكرته تحولت من حلم إلى واقع , وها هي بريطانيا تتبني هذا الوعد المشئوم , دون أن يذكر اسم هربرت صمويل , وهل يقف اسمه دون إقامة دولة لليهود في فلسطين ؟ ! .
وباتت فلسطين تحت الانتداب البريطاني العسكري , عام 1918 , وبعد عامين تتعطف بريطانيا بإنهاء الحكم العسكري إلى الحكم المدني , وتعيين مندوب سامي بريطاني , يحل محل الحاكم العسكري .
وكان أول مندوب سامي بريطاني هو نفسه هربرت صمويل !!
ماذا كان يصنع هربرت في الكواليس , حتى استطاع أن يسقي فكرته , ويروي بذرته في فلسطين؟ .
وتدفقت الهجرة اليهودية , ثم معسكرات التدريب , وبمباركة من انجلترا وحمايتها سرقت فلسطين !! .
واندلعت بعد موافقة عصبة الأمم , ومهزلة اعترافها بأممية وعد بلفور , أول إشارة للمقاومة , بعد ان أدرك الشعب الفلسطيني فداحة المصاب الذي ينتظرهم , فكانت ثورة يافا , التي عمت كل مناطق فلسطين , وبدأ منها نضال الشعب , ثم توجت بثورة البراق , لانطلاقها من حائط البراق , واعترفت عصبة الأمم آنذاك في وثيقة رسمية , بأن الحائط ملك للمسلمين , واليوم إسرائيل , قد ألبست الطاقية لبوش وساركوزي وبلير ... لتوهم العالم بملكيتها للحائط المسروق !.
لقد انطلقت هذه الثورات اعتراضاً على وعد بلفور , ومنها بدأ نضال الشعب الفلسطيني , وهذا النضال ليس جديداً , يوم أن سمح نابليون بأول هجرة لليهود إلى فلسطين , بعد أن استعصت أمامه المقاومة في عكا , وبعد قتله لألفي فلسطيني , انتسر الطاعون بين جنوده , فأراد الرجوع منتصراً , فتحالف مع يهود العالم , وسمح لهم بأول هجرة يهودية إلى فلسطين , ووعدهم قبل وعد بلفور , بإقامة دولة لليهود , تمتد من عكا إلى الإسكندرية , ومات وعد نابليون , ومات وعد بلفور , وبقيت وإلى اليوم المقاومة , لتكون هي الخيار الشعبي , الذي يلفظ كل الذين حولوا خنادق السلاح إلى طاولة المفاوضات , فلا طالوا أرضاً , ولا طالوا سلاماً , بل اليوم يتخلى المفاوضون عن حق العودة , فماذا يقولون للأطفال الذين يحملون مفاتيح توارثوها عن أجدادهم , بعد تعهدهم بالعودة ؟ ..
واليوم يتخلون عن المقاومة ويسلمون السلاح لخصومهم يفتكون بهم , أفلا يتذكرون أن إسرائيل طردت مليوناً من واقع مليون ونصف , خارج فلسطين آنذاك ؟ فماذا ينتطر الأبطال العرب ؟
هل ينتظرون أن نسمع عن سقوط الأقصى كما سمعنا عن سقوط بغداد ؟ هل ينتظرون أن نسمع عن هدم الأقصى كما سمعنا عن هدم كابول ؟
أم كما قال أحد وزراء الكيان الصهيوني : إن العرب قضيتهم ثلاثة أيام يستنكرون , يصرخون , ينددون , ثم يسكتون !! .
إلا المقاومة يا يهودي !
إلا المقاومة يا صهيوني !
فإنها مستمرة رغم الاستسلاميين !
فإنها شعبية رغم المتخاذلين !
وشكراً لهربرت صمويل , وشكراً لبلفور , فوعده كان إعلاناً لمقاومة شعب لن تتوقف , ولن تنتهي إلا بتحرير الأقصى , وكل فلسطين , وهذا وعد الله المحقق , لا وعد بلفور الذي هلك