الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالموظف -وخاصة في الجهات الحكومية- إنما هو أمين، ووكيل عن جهة توظيفه. ولا يجوز له مخالفة نظامها، ولا أخذ شيء من المال من عمله فوق راتبه، إلا بعلمها، ولا التكسب، ولا قبول هدية بسبب وظيفته، إلا بإذنها. وهذا بصفة عامة.
وأما بخصوص المعاملة التي ذكرها السائل: ففي الصورة الأولى: لا يجوز للسائل أخذ فرق السعر لنفسه، ويجب عليه رده إلى جهة عمله؛ لكونه وكيلا عنها في البيع، وحقوق العقد كلها ترجع للموكل، لا للوكيل، فلو باع بأكثر مما أمره الموكل، كانت الزيادة للموكل، وهو أمين عليها. بل حتى لو أهدى له المشتري شيئا، فإنه من حق الموكل.
قال ابن قدامة في المغني: قال أحمد في رواية مهنا: إذا دفع إلى رجل ثوبًا ليبيعه، ففعل، فوهب له المشتري منديلًا، فالمنديل لصاحب الثوب. إنما قال ذلك؛ لأن هبة المنديل سببها البيع، فكان المنديل زيادة في الثمن، والزيادة في مجلس العقد تلحق به. اهـ.
وقال البهوتي في شرح منتهى الإرادات: هبة بائع لوكيل اشترى منه، كنقص من الثمن، فتكون لمشتر، ويخبر بها. اهـ. وراجع في ذلك الفتويين: 110350، 420079.
وأما الصورة الثانية: فلا يجوز للسائل أن يشتري بماله لنفسه، ليعيد البيع للتاجر، إلا إن أذنت له جهة عمله بذلك.
وينبغي في مثل هذه المعاملات مراعاة الصالح العام، وعدم الإضرار بالناس. وهذا يكون واضحا في السلع التي تدعمها الدولة لتباع بسعر مخفض، ليتمكن محدودو الدخل من شرائها، فلا يجوز حينئذ شراؤها من أجل التجارة فيها، ورفع سعرها. وانظر الفتويين: 232222، 485647.
وما ذكره السائل من كون السلعة غير شحيحة، وأنه يمكن لأي فرد من المواطنين أن يشتري الكمية التي يرغبها: لو صح، لفعل ذلك التاجر نفسه، ولَمَا اشترى بسعر أعلى من سعر الجمهور، ولما وجد من يشتري منه بسعر أعلى مما اشتراه هو ليربح.
والله أعلم.