الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على حرصك على برّ والديك، وخوفك من التقصير في حقّهما.
واعلم أنّه لا يجب عليك أن تسكن والديك في بيتك، وليس من التقصير في البر -فضلا عن العقوق- أن يسكنا في بيت آخر، قريب، أو بعيد من بيتك، سواء كان بيتك ضيقا، أو واسعا.
لكن الواجب عليك أن تنفق عليهما إن كانا محتاجين، وكنت موسرا، وأن تخدمهما -إن احتاجا إلى الخدمة- بنفسك، أو باستئجار من يخدمهما، وأن تداوم على صلتهما، وتفقد أحوالهما، وتطيعهما في المعروف.
وقوله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا {الإسراء: 23}.
ليس فيه أمر للولد بإسكان والديه الكبيرين معه في بيت الزوجية؛ ولكنه أمر بالبر، والرعاية، والإحسان لهما، سواء كانا معه في بيته، أو في بيت آخر.
قال البيضاوي -رحمه الله- في تفسيره: ومعنى: عِنْدَكَ- أن يكونا في كنفك، وكفالتك. انتهى.
وهذا الأمر موجه للأولاد جميعا -ذكورهم، وإناثهم- كل بحسب حاله وقدرته، وراجع الفتويين: 405169 473464.
والله أعلم.