الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأما المال الذي وجده والدكم في الصُّرَّة؛ فقد أذنب بجحده، وكان الواجب عليه تسليمه لتلك البنت حين وصفته؛ لأنه مالها، ونسأل الله أن يغفر له، وذلك الحقّ لا يسقط بموتها، ولا بموت أبيكم.
والواجب عليكم إخراجه من التركة، ودفعه إلى ورثتها، إن وجد لها وارث، وانظر الفتوى: 125710.
وإن تيقنتم أنه لا وارث لها، فتصدّقوا به عنها، ويصرف في مصالح المسلمين، وانظر الفتوى: 460525.
ولا شك أن القوة الشرائية لذلك المبلغ -خمسة وأربعين دينارًا - قبل سبع وخمسين سنة، تختلف عن قوتها اليوم، وقد بينا في فتاوى سابقة أن الأصل في النقود أن تردّ بالمثل، لا بالقيمة، ما دامت العملة مستعملة، إلا إذا انخفضت العملة انخفاضًا فاحشًا.
والمرجّح في فتاوانا حينئذ هو اعتبار قيمة العملة في قضاء الحقوق إذا حدث غبن فاحش، أو انهيار للعملة، يتحقق به ضرر معتبر على صاحب الحق، وهذا الاعتبار يكون بحسب قيمة السلع الأساسية، أو بحسب سعر الذهب، وراجع تفصيل ذلك في الفتوى: 348040.
فتخرجون من التركة ما يساوي ذلك المبلغ: إما اعتمادًا على قيمة السلع الأساسية -مثل: الحنطة، والشعير، واللحم، والأرز-، كم كان يُشترَى به من هذه السلع الأساسية في ذلك الوقت، وإما تخرجون من التركة ما يساوي جرامات الذهب، كم كان يُشترَى به منها في ذلك الوقت؛ فيعطى ما يساويه الآن، وتتصدّقون به عن صاحبة تلك النقود.
وأما المال الذي دفعته عمّتك لوالدكم من أجل أن يتصدّق به على المحتاجين، فأنفقه عليكم؛ لأنكم كنتم محتاجين على قوله؛ فهذا نرجو أن لا حرج عليه فيه، وانظر الفتوى: 385048، والفتوى: 437458.
والله أعلم.