الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما تلفّظت به في حقّ جدتك من قولك: (واللهِ، سترى مصيرها) تقصد أنها ستعذب على أفعالها -كما ذكرت-؛ يعدّ من التألِّي على الله تعالى.
وقد ثبت الوعيد الشديد في شأن التألِّي على الله تعالى: ألا يغفر لشخص معين، فقد جاء في صحيح مسلم، وغيره، عن جندب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدَّث: أن رجلًا قال: واللهِ، لا يغفر الله لفلان، وإن الله تعالى قال: من ذا الذي يتألَّى عليَّ أن لا أغفر لفلان!؟ فإني قد غفرت لفلان، وأحبطت عملك.
وقال الصنعاني في التنوير شرح الجامع الصغير: (قال رجلٌ: لا يغفر الله لفلان) كأنه معين، لا أنه لجنس عامل المعاصي، كما قيل. (فأوحى الله تعالى إلى نبي من الأنبياء: إنها) أي: الكلمة التي قالها (خطيئة) لأنها حكم على الله تعالى بأنه لا يغفر، وعلى العبد العاصي بأنه لا يتوب، والكل سر محجوب. (فليستقبل العمل) أي: يستأنف الطاعات، فإنها قد حبطت بما تَفَوَّهَ به، وفيه النهي عن الحكم على مُعَيَّن بأن الله لا يغفر له، إلا إن مات مشركًا. اهـ.
وفي فيض القدير للمناوي: (قال رجل: لا يغفر الله لفلان) أي: العامل للمعاصي (فأوحى الله تعالى إلى نبي من الأنبياء إنها) أي: الكلمة التي قالها (خطيئة، فليستقبل العمل) أي: يستأنف عمله للطاعات؛ فإنها حبطت بتأليه على الله، وهذا خرج مخرج الزجر، والتنفير، لا الحقيقة. اهـ.
فأكثِر من الاستغفار، والتوبة؛ فإن الله تعالى يقبل التوبة، إذا توفرت شروط قبولها، وراجع في ذلك الفتوى: 437842، وراجع للفائدة الفتوى: 6710.
مع التنبيه على حرمة الإساءة إلى الجدّة؛ فالجدّة لها حقّ في البِرّ، كما سبق في الفتوى: 250393.
والله أعلم.