الإجابــة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لمسلم أن ينعت أخاه المسلم بأنه يهودي أو نحو ذلك من ألقاب الكفر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
من دعا رجلا بالكفر وقال يا عدو الله، وليس كذلك إلا حار عليه. أي رجع عليه، والحديث متفق عليه. وكفى بذلك زجرا ووعيدا لمن يرمي أخاه المسلم بمثل هذه النعوت، ولا حرج على المسلم في أن يتحدث باللغة الأمازيغية أو غيرها من اللغات الأخرى غير العربية إذا دعت الحاجة إلى ذلك، كأن تكون هذه اللغة هي لغة التخاطب في المجتمع الذي يعيش فيه، سواء أكانت لغته التي نشأ ودرج عليها أم لا، أما إذا لم تكن حاجة للحديث بغير العربية ، كأن يكون المسلم يعيش بين عرب وهو قادر على الحديث بالعربية، فيكره له كراهة شديدة أن يتكلم بغير العربية، فإن اللسان العربي شعار الإسلام وأهله، واللغات من أعظم شعائر الأمم التي بها يتميزون، ولهذا كره غير واحد من الأئمة لمن يعرف العربية أن يتكلم بغيرها بغير حاجة أو يتكلم بها خالطا لها (بغير ها)،فروى
ابن أبي شيبة أن
محمد بن سعد بن أبي وقاص سمع قوما يتكلمون الفارسية فقال: ما بال المجوسية بعد الحنفية. وقال
الشافعي فيما رواه السلفي بإسناده المعروف إلى
محمد بن الحكم قال:
سمعت محمد بن إدريس الشافعي يقول: سمى الله الطالبين من فضله في الشراء والبيع تجارا ولم تزل العرب تسميهم التجار، ثم سماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما سمى الله به من التجارة بلسان العرب، والسماسرة اسم من أسماء العجم، فلا نحب أن يسمى رجل يعرف العربية تاجرا إلا تاجرا ولا ينطق بالعربية فيسمى شيئا بالعجمية، وذلك أن اللسان الذي اختاره الله عز وجل لسان العرب، فأنزل به كتابه العزيز وجعله لسان خاتم أنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم، ولهذا نقول، ينبغي لكل أحد يقدر على تعلم العربية أن يتعلمها، لأنها اللسان الأولى بأن يكون مرغوبا فيه. (اقتضاء الصراط المستقيم 1 200)
فكره الشافعي -رحمه الله- إبدال كلمة عربية بكلمة عجمية محافظة على اللسان الذي اختاره الله فأنزل به كتابه وبعث به رسوله، وبين أنه ينبغي لكل قادر على تعلم العربية أن يتعلمها.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وأما اعتياد الخطاب بغير العربية التي هي شعار الإسلام ولغة القرآن حتى يصير ذلك عادة للمصر وأهله، ولأهل الدار وللرجل مع صاحبه، ولأهل السوق أو للأمراء أو لأهل الديوان أو لأهل الفقه، فلا ريب أن هذا مكروه، فإنه من التشبه بالأعاجم، وهو مكروه كما تقدم.
ولهذا كان المسلمون المتقدمون لما سكنوا أرض الشام ومصر ولغة أهلهما رومية وأرض العراق وخراسان ولغة أهلهما فارسية، وأهل المغرب، ولغة أهلها بربرية، عودوا أهل هذه البلاد العربية حتى غلبت على أهل هذه الأمصار مسلمهم وكافرهم، وهكذا كانت خراسان قديما، ثم إنهم تساهلوا في أمر اللغة واعتادوا الخطاب بالفارسية حتى غلبت عليهم وصارت العربية مهجورة عند كثير منهم، ولا ريب أن هذا مكروه، وإنما الطريق الحسن اعتياد الخطاب بالعربية حتى يتلقنها الصغار في الدور والمكاتب، فيظهر شعار الإسلام وأهله، ويكون ذلك أسهل على أهل الإسلام في فقه معاني الكتاب والسنة وكلام السلف، بخلاف من اعتاد لغة ثم أراد أن ينتقل إلى أخرى، فإنه يصعب عليه.
واعلم أن اعتياد اللغة يؤثر في العقل والخلق والدين تأثيرا قويا، ويؤثر أيضا في مشابهة صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين، ومشابهتهم تزيد العقل والدين والخلق.
وأيضا فإن نفس اللغة العربية من الدين ومعرفتها فرض واجب، فإن فهم الكتاب والسنة فرض، ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ثم منها ما هو واجب على الأعيان، ومنها ما هو واجب على الكفاية.
وبهذا النقل تعلم أنه يكره الحديث بغير العربية بغير حاجة، أما مع الحاجة، فلا بأس، ولا يجوز بحال أن يُنعت المسلم بأنه يهودي أو نحو ذلك من الأوصاف، لكونه تكلم بالأمازيغية أو غيرها.
وراجع للأهمية الفتاوى التالية:
28432، 27842، 31941.
والله أعلم.