الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولًا أن العلماء اختلفوا في المدة المبيحة للترخص برخص السفر، وخلافهم في هذا طويل مشهور، فعلى قول من لم يقيد ذلك بمدة، بل يرى أن الشخص ما دام مسافرًا فله الترخص بالقصر، والفطر، وإن طالت المدة، كما رجحه ابن القيم في زاد المعاد، واختاره الشيخ ابن عثيمين، فليس على أمك، وأخيك إثم أصلًا؛ لأن الفطر جائز لهما إذ هما مسافران، وعليهما أن يقضيا مكان ما أفطراه من الأيام؛ لقوله تعالى: وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ {البقرة:185}.
وأما على رأي الجمهور، وهو أن من أقام أربعة أيام، فأكثر، فهو مقيم، لا يجوز له الترخص بالقصر، والفطر، فليست أمك، وأخوك مسافرين يجوز لهما الفطر، وهذا القول هو المفتى به عندنا، وانظر الفتوى رقم: 115280
وعلى هذا القول؛ فإن كانت أمك مريضة كما ذكرت، بحيث يشق عليها الصوم، وتتضرر به، أو تخشى زيادة مرضها، أو تأخر البرء، ففطرها -والحال هذه- جائز لا حرج فيه، وانظر الفتوى رقم: 126657.
وأما شدة الحر فلا تبيح الفطر، إلا إذا خشي الشخص على نفسه التلف، أو حصول مرض على ما بيناه في الفتوى رقم: 184519.
وأما المذاكرة، والامتحانات فليسا عذرًا يبيح الفطر، وانظر الفتوى رقم: 141180.
والحاصل أنه إن كان لأمك، وأخيك، أو لأحدهما عذر يبيح الفطر من خوف زيادة المرض، أو خوف حصوله، ونحو ذلك، فلا إثم عليه في الفطر، وأما مجرد المشقة المحتملة فلا تبيح الفطر، والواجب عليهما إذا كان الفطر غير جائز لهما أن يتوبا إلى الله تعالى مما اقترفاه، فإن تعمد الفطر في نهار رمضان من أعظم الذنوب، وعليهما بكل حال أن يقضيا ما أفطراه من الأيام.
والله أعلم.