الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي - أولا - أنه لا أثر للعقل في قسمة مال التركة، فهذا الشخص المريض عقليا له نصيبه من الإرث كاملا، كما لو كان عاقلا سليما، وهذا النصيب الذي استحقه من التركة بموت والده يُعطى لوليه الشرعي، وبما أنك طلبت المذهب المالكي في المسألة؛ فإن المالكية عندهم أن المحجور عليه لصغر أو جنون أو سفه تكون الولاية عليه في عدم وجود الأب لوصي الأب، ثم إن عدم الوصي فللحاكم أو من يقيمه الحاكم لذلك، فقد جاء في منح الجليل شرح مختصر خليل: (والولي) على المحجور، مجنونا كان أو صبيا أو سفيها (الأب) الرشيد، كذا قيد المصنف كلام ابن الحاجب، فإن لم يكن رشيدا فهل يكون ناظره ناظرا على بنيه أو لا إلا بتقديم مستأنف؟ قولان ... ثم يلي الأب في الولاية على الصبي والسفيه وصيه أي الأب لنيابته عنه... اهـ، وقد سبق أن أصدرنا فتوى مفصلة في بيان من يتولى أموال القاصرين والعاجزين برقم: 28545 .
أما قولك: إن هذا الشخص المريض يعيش مع أشخاص غرباء، فلم نفهم ما تقصده من كون الأشخاص غرباء، ولكننا ننبه إلى أنه ما دام هذا الأخ مصابا في عقله فإنه لا يهمل على هذا النحو، بل يرفع أمره إلى القاضي الشرعي ليقيم له من يقوم بأمره ويرعى مصالحه، وحينئذ فإن نصيبه من الإرث يدفع لمن يقيمه ذلك القاضي.
ثم إننا ننبه السائلة الكريمة إلى أن موضوع تولي أموال القاصرين ينبغي مشافهة أهل العلم به, أو رفعه إلى المحكمة الشرعية, وكذا أمر التركات، فهو أمر خطير جدًّا, وشائك للغاية, ومن ثم فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقًا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، أو مشافهة أهل العلم بها إذا لم توجد محكمة شرعية، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا, أو ديون, أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذن قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية - إذا كانت موجودة - تحقيقًا لمصالح الأحياء والأموات، وراجعي للفائدة الفتويين: 20378 - 55681 .
والله أعلم.