الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله سبحانه أن يجزيك ويجزي من معك من الشباب خير الجزاء على ما تقدمونه من أعمال الخير لمجتمعكم، وأن يبارك في جهودكم وأن يكثر من أمثالكم، والجواب على أسئلتك كما يلي:
1ـ دفع الزكاة إلى الفقير في صورة سلع عينية محل خلاف بين أهل العلم، وحيث إنكم وكلاء عن المزكين في توزيع أموال الزكاة على مستحقيها، فلا يجوز لكم التصرف بأموالهم على هذا الوجه إلا بعد استئذانهم، فقد لا يرون ذلك، فإن كان بإمكانكم أن تكونوا وكلاء عن الفقراء في شراء ما يحتاجون إليه بأموال الزكاة لكونهم أناسا معروفين فلا بأس، ويكون تصرفكم حينئذ من باب تصرف الوكيل عن موكله، فقد سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى: هل يجوز إخراج زكاة المال في صورة سلع استهلاكية وملابس إذا علم أن بعض الأسر الفقيرة من الأصلح لها شراء هذه الأشياء بحيث يخشى أنه لو أعطيت النقود فسوف يتصرفون فيها فيما لا فائدة منه؟ أجاب فضيلته بقوله: هذه المسألة مهمة يحتاج الناس إليها إذا كان أهل هذا البيت فقراء، ولو أعطيناهم الدراهم لأفسدوها بشراء الكماليات والأشياء التي لا تفيد، فإذا اشترينا لهم الحاجات الضرورية ودفعناها لهم، فهل هذا جائز؟ فمعروف عند أهل العلم أن هذا لا يجوز، أي لا يجوز للإنسان أن يشتري بزكاته أشياء عينية يدفعها بدلاً عن الدراهم، قالوا: لأن الدراهم أنفع للفقير، فإن الدراهم يتصرف فيها كيف يشاء بخلاف الأموال العينية فإنه قد لا يكون له فيها حاجة، وحينئذ يبيعها بنقص، ولكن هناك طريقة إذا خفت لو أعطيت الزكاة لأهل هذا البيت صرفوها في غير الحاجات الضرورية، فقل: لرب البيت سواء كان الأب، أو الأم، أو الأخ، أو العم، قل له: عندي زكاة فما هي الأشياء التي تحتاجونها لأشتريها لكم وأرسلها لكم، فإذا سلك هذه الطريقة، كان هذا جائزاً، وكانت الزكاة واقعة موقعها. اهـ
2ـ مصارف الزكاة منحصرة في أصناف ثمانية ذكرها الله عز وجل في كتابه فقال: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {التوبة:60}.
وتمويل المشاريع التنموية ليس من مصارف الزكاة، لأن المراد بقوله تعالى: وفي سبيل الله ـ عند جمهور العلماء: الجهاد في سبيل الله وما يحتاجه المجاهدون، كما سبق في الفتاوى التالية أرقامها: 14670، 10019، 3962، وما أحيل عليه فيها.
وعلى ذلك، فلا يجوز تمويل المشروعات التنموية من الزكاة، وكذلك المشاريع التي تخدم الفقراء، فإنه يشترط لصحة إخراج الزكاة تمليكها للفقير، فلا يجوز تمويل تلك المشاريع كذلك من أموال الزكاة ما لم يتملكها الفقير، وراجع الفتويين رقم: 152631، ورقم: 79012، وما أحيل عليه فيهما.
3ـ لا يجوز دفع إيجار الجمعية من مال الزكاة، وإنما يجوز دفعه من الصدقات التطوعية والتبرعات الأخرى ما لم يحدد دافعوها مصرفا بعينه، وقد سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: الجمعية الخيرية تجمع أموال زكاة وتوزعها على الفقراء والمساكين وهي الآن في بناية لي، فهل لها أن تدفع إيجار المبنى من أموال الزكاة؟ الجواب: أموال الزكاة لا يجوز أن يدفع منها، ثم الواجب على هذه الجمعية أن تفعل كما فعل غيرها أن تجعل بنداً خاصاً للزكاة، وبنداً للصدقات، وبنداً للأعمال الخيرية العامة، المهم أنها لابد أن تميز الزكاة عن غيرها، السائل: ما وجدنا يا شيخ! من أموال الصدقات أو التبرعات الأخرى ما يفي سداد الإيجار؟ الشيخ: إذا لم تجد تطلب من شخص معين أجرة هذا المكان. اهـ
وانظر الفتوى رقم: 80839، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.