الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يهدينا وإياك إلى الصواب والثبات عليه وأن يوفقنا وإياك على أداء الصلاة في وقتها والخشوع فيها.
وبخصوص قضاء الصلاة لانحرافك عن جهة القبلة، ففيه تفصيل واختلاف، فإن كنت قصرت في الاجتهاد أو سؤال الثقة فالإعادة واجبة، وأما إن كنت صليت إلى غير جهة القبلة باجتهاد حيث كنت من أهل الاجتهاد ثم تبين خطأ اجتهادك فقد اختلف العلماء في وحوب الإعادة، وقد سبق بيان ذلك في الفتويين رقم: 158683، ورقم: 152821، وما أحيل عليه فيهما.
وكذلك اختلف العلماء في وجوب القضاء على من صلى بغير طهارة جهلا منه، والجمهور على الوجوب، ويدخل في ذلك الإفرازات ونحوها من نواقض الوضوء، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 132649، 125124، 171213، 7018، وما أحيل عليه فيها.
فإن تقرر وجوب القضاء عليك، فاعلمي أن كل صلاة عبادة قائمة بذاتها، فإذا قضيت بعض الصلوات في يوم وتكاسلت عن بعضها الآخر فإنه يبقى في ذمتك ما تكاسلت عنه دون ما قضيته، لوقوعه صحيحا مجزئا، فلا معنى لإعادة قضائه، لكن لا يجوز لك فعل ذلك إلا لعذر وليس لمجرد الكسل، وراجعي الفتوى رقم: 215236.
ويمكنك القضاء في أي ساعة شئت من ليل أو نهار، ولو في أوقات النهي، كما سبق في الفتوى رقم: 61320.
وعلى ذلك، فلا حرج في قضائك صلاة العشاء بعد منتصف الليل، وكذلك قضاء صلاة الفجر بعد الشروق، وقضاء صلاة العصر في وقت النهي.
أما كيفية القضاء: فتصلى كل صلاة بركعاتها على حدة، وبنية مستقلة لكل صلاة، ولا يصح جمع ركعات اليوم في صلاة واحدة، لأنه لم يرد في الشرع ذلك، والأصل في العبادات التوقيف، ولأن كل صلاة عبادة مستقلة عن الأخرى كما سبق، أما إن كنت تقصدين قضاء صلاة يومين في وقت واحد، لكن كل صلاة منفصلة عن غيرها، فلا بأس بذلك، وانظري الفتوى رقم: 32169.
وننبه إلى أن قضاءك لفرضين من نفس النوع ـ كصلاتي ظهر أو صلاتي عصر ونحو ذلك ـ يخل بترتيب قضاء الفوائت، وقد اختلف العلماء في وجوب الترتيب في قضاء الفوائت، كما سبق في الفتويين رقم: 96811 ، ورقم: 194717، وما أحيل عليه فيهما.
وعلى ذلك، فننصحك بالمحافظة على الترتيب خروجا من خلاف العلماء فتقضين خمس صلوات مرتبة عن يوم، ثم تقضين خمسا أخرى مرتبة عن اليوم الذي بعده، وهكذا.
والله أعلم.