الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا بالفتوى رقم: 200017، وتوابعها جملة من المنكرات، والشركيات التي تحصل عند هذه الأضرحة غالباً. فراجعها. والواجب مناصحة هؤلاء، وأن يبين لهم معنى لا إله إلا الله، وأنها تقتضي ألا يصرف شيء من العبادات لغير الله سبحانه، كما قال تعالى: قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ {الأنعام:162ـ 163}.
ولا يخلو حال هذه الأموال من احتمالات ثلاث:
1-نذر للمقبور.
2--تعمير للضريح.
3-صدقة للفقراء ونحوهم.
فأما الأول فقد بينا بالفتوى رقم: 200017 أنه لا يجوز صرف هذه الأموال ابتداء، بل الواجب ردها إلى أصحابها؛ لأنها لم تخرج من ملكهم بهذا النذر المحرم الباطل. فإن تعذر معرفة أعيانهم، فإن هذه الأموال تصرف في مصالح المسلمين العامة. وعليه؛ فلا حرج حينئذ في صرفها في بعض المشاريع ذات النفع العام إن احتيج لذلك؛ لأنه من جملة مصالح المسلمين.
وكذلك إن قصدوا تعمير الضريح، أو وقفوا عليه، فهو وقف باطل؛ كما بيناه بالفتوى رقم: 76833، وقد بينا بالفتوى رقم: 74508 أن من شروط صحة الوقف أن يكون الوقف على بر وليس على معصية، وإذا كان القصد هنا هو الوقف على القبر والمشهد فلا شك أن الوقف على قبور الأولياء التي تعبد من دون الله تعالى، بحيث يعود ريع الوقف على تلك القبور وسدنتها، وإقامة البدع فيها. كل هذا لا يجوز الوقف عليه؛ لأنه ليس من البر، وبالتالي فالوقف باطل. فإن عرف أصحاب الأموال ردت إليهم، وإلا صرفت في مصالح المسلمين العامة.
وأما إن قصدوا بها الصدقة للفقراء، فتصرف في مصرفها؛ لأنه مصرف شرعي.
فعلى من له ولاية بهذا الموضع، واستطاعة تغيير المنكر أن يقوم بذلك، فإن لم يفعل فعلى من يستطيع ذلك من المسلمين؛ لأن رد المال إلى أصحابه فرض كفائي، وأما اقتسام هذه الأموال بين سدنة القبر فهو من أكل المال بالباطل.
والله أعلم.