الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:
فالتأمين التجاري محرم، لكونه قائما على غرر وقمار، ولايجوز الاشتراك فيه اختيارا، ومن أجبر على الاشتراك فيه فيكون الإثم على من أجبره لا عليه، مثل ما إذا أجبرت الشركة عمالها على الاشتراك في التأمين التجاري، ولم يستطيعوا ترك العمل لاضطرارهم إليه، فيكون الإثم حينئذ على من أجبر العامل المضطر للعمل على الاشتراك في ذلك التأمين المحرم، وعلى فرض اضطرار العامل للبقاء في العمل وإمضائه على المشاركة في ذلك التأمين، فيجوز له أن يأخذ القدر المشترك به وهو ما دفعته جهة عمله نيابة عنه إلى جهة التأمين، وأما ما دفع إليه زائدا عن ذلك فلا يجوز له الانتفاع به في خاصة نفسه، بل يلزمه التخلص منه بدفعه إلى الفقراء والمساكين، وليس له أن يأخذ الباقي ليحتسبه من حق غيره من العمال، لأن حق غيره باق عند شركة التأمين، وعلى كل فما أعطيته أنت فلك أخذ مقدار مبلغ الاشتراك فحسب، والباقي تصرفه في وجوه الخير تخلصا منه، والإمضاء على عقد التأمين المحرم لا يجوز لغير من اضطر إليه؛ كأن لايستطيع العامل ترك العمل ولا يمكن بقاؤه فيه مالم يوقع عقد التأمين وهكذا، فإن كان العامل يجد عملا غيره وليس مضطرا للبقاء في ذلك العمل الذي يلزمه بالتوقيع على العقد المحرم والإقرار بشروطه الجائرة فلا يجوز له التوقيع عليه ولو أدى ذلك به إلى ترك العمل. ولمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 124700.
والله أعلم.