الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجب عليك أيها السائل أن تبادر بالتوبة إلى الله جل وعلا، وتقبل على أداء الصلوات وبر الوالدين وغير ذلك مما أوجبه الله سبحانه وأمر به. فإذا صدقت في التوبة والإقلاع عن الذنوب فإنا نبشرك بعفو الله عنك فإنه سبحانه غفور رحيم, وقد وعد سبحانه بقبول التوبة فقال: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ. {الشورى/25}. وقال سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ*وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ. {الزمر:54،53}.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى: هذه الآية الكريمة دعوة لجميع العصاة من الكفرة وغيرهم إلى التوبة والإنابة، وإخبار بأن الله يغفر الذنوب جميعا لمن تاب منها ورجع عنها، وإن كانت مهما كانت وإن كثرت وكانت مثل زبد البحر. اهـ.
واعلم أن اليأس من الحياة ومن قبول التوبة باب عظيم من أبواب المعاصي وهو من كيد الشيطان بالإنسان كي يصده عن التوبة والرجوع إلى الله جل وعلا ويغريه بالاستزادة من الذنوب والمعاصي.
ذكر ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله سبحانه: وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ.{البقرة : 195}.
نقلا عن جمع من السلف: إنها في الرجل يذنب الذنب فيعتقد أنه لا يغفر له، فيلقي بيده إلى التهلكة، أي: يستكثر من الذنوب فيهلك. انتهى.
وأما الانتحار فهو من عظائم الذنوب وكبائرها وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 10397.
وكثيرا ما يوسوس الشيطان للإنسان أنه هو الحل لما يعانيه من مشكلات وهذا وهم كبير، فإنه وإن كان صاحبه سيهرب به من شقاء الدنيا، فإنه سينتقل إلى الشقاء الأعظم في نار الجحيم والعياذ بالله.
وراجع الكلام عن التوبة من عقوق الوالدين في الفتوى رقم:107035.
الله أعلم.