الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا علم لنا بتفاصيل ما حصل لك من حادث، وما جرى من محاكمة المتهمين به، وكلامك فيها يشوبه شيء من الغموض لكنا نقول: لا يجوز تغيير الأقوال أمام القاضي والادعاء أو الإخبار بما يخالف الواقع؛ لأن هذا هو الكذب المذموم، ومن أراد العفو أو الصفح عمن جنى عليه فيمكنه ذلك بأيسر الطرق وأوضحها، وذلك بأن يتنازل عن حقه أمام المحكمة، ولا مجال للحديث في مثل هذا خصوصا بعد صدور الحكم من القضاء.
أما ما أحسست به من خروج شيء من أصبع قدمك وشعورك الدائم بالبرد، فهذا لا يمكننا الجزم بتفسيره، ولكن على أية حال نوصيك بالرقية الشرعية المبينة في الفتاوى التالية أرقامها : 22104، 4310، 2244، 80694.
وأما ما تشعر به من ضيق وفشل دائما فهذا – في الغالب – إنما يكون من ثمرات البعد عن منهج الله والانغماس في معصيته، فإن الله سبحانه بحكمته وفضله قد جعل الرضا والفرح والسرور والنشاط والأنس وقرة العين في طاعته وامتثال أوامره، قال سبحانه: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً {النحل:97} وقال سبحانه: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى {طه:123} وجعل أضداد هذه من الهم والحزن والضيق واليأس والكآبة في التفريط في الطاعة وفعل المعصية، فما يجده الإنسان من هم وغم وضيق في الصدر ونكد في العيش، فإن هذا ثمرة من ثمرات المعاصي النكدة ونتاج من نتاجها المر، قال الله سبحانه: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى {طه:12}، وقد قال الله سبحانه: لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا {النساء: 123}
فالواجب عليك هو أن تسارع بالتوبة الصادقة إلى الله جل وعلا ، خصوصا من التهاون في الصلاة، فإن هذه كبيرة من أعظم الكبائر وأشنعها، وقد بينا طرفا من ذلك في الفتوى رقم: 6061.
وما تفعله من ترك الصلاة أحيانا بسبب خلافك مع أمك لا يجوز، وهو من كيد الشيطان لك، فإن الصلاة لا يجوز تركها بحال.
ثم عليك بالإقلاع عن تعاطي المخدرات فإنها حرام قطعا، وهي من أشد الأشياء إفسادا لمصالح الدين والدنيا. وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها : 35757، 1994، 8001.
ثم اعلم أن برك بأمك من أعظم الواجبات عليك، وحقها هو أعظم الحقوق عليك بعد حق الله سبحانه، وأن عقوق الأم كبيرة تذهب ببركة الأعمال الصالحة وتحبط ثوابها، وتوجب لعنة الله جل وعلا. وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 43879، 27653، 112162.
فإن أقبلت على الله سبحانه بتوبة صادقة نصوح، وأصلحت ما بينك وبينه، ثم أصلحت ما بينك وبين أمك، وبذلت الجهد لاسترضائها فيما سلف منك من تقصير تجاهها فأبشر حينئذ بفضل الله ورحمته وفرجه ولطفه، فإن الله سبحانه يقول: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ {الأعراف: 96} وقال سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق: 2 ، 3}, وقال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق : 4}
والله أعلم.