الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن العبد مجبول على التواضع للعظمة ومحبة الكمال وأهله، وهو كذلك مفطور على محبة من أحسن إليه لا سيما مع غناه عنه.
وبأدنى تأمل في مخلوقات الله تعالى وآياته المبثوثة في الكون، وكذلك بالتفكر في أسمائه الحسنى وصفاته العلى وأفعاله المثلى، يدرك العبد بسلاسة ويسر أن العظمة والكمال المطلق ثابت لله تعالى من كل وجه. وأنه ما من نعمة حصلت وما من نقمة دفعت إلا بفضل الله ورحمته.
ولا شك أن هذا يورث العبد محبة الله والإخبات بين يديه والإنابة إليه. فإن جمع إلى ذلك التدبر لكتاب الله وآياته المتلوة وقف على أرض صلبة من صدق المحبة لله تعالى، العظيم الحليم، الغني الكريم .. سبحانه وبحمده. وذلك أن محبة الله تعالى فرع لمعرفته، فلا يمكن أن نحب الله عز وجل دون أن نعرفه، كما لا يمكن أن نعرفه معرفة حقة ثم لا نحبه، لذلك ينبغي أن تكون بداية السائل هي التعرف على الله تعالى، ولا سبيل إلى معرفته عز وجل أقصر ولا أيسر، ولا أنفع ولا أرفع، من التعرف عليه من خلال كلامه سبحانه، فمن تدبر كتاب الله، وتفهم ما فيه من أسماء الله وصفاته وأفعاله أحبه ولا شك؛ فإن محبة الشيء إنما تكون لكماله في ذاته، وكماله في أفعاله.
والله تعالى له الكمال المطلق في ذاته وأفعاله، وقد سبق بيان ذلك مع بيان الأسباب الجالبة والموجبة لمحبة الله في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 111261، 27513، 71891.
وكذلك محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتم الإيمان إلا بها، كما قال صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين. رواه الشيخان. وهذه المحبة هي أيضا فرع عن معرفة مكانته صلى الله عليه وسلم عند ربه، وقدره في نفسه، وأثره في أمته، فينبغي للسائل الكريم كثرة القراءة في السيرة النبوية والشمائل المحمدية، ولذلك ننصح بالرجوع إلى عنوان (شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم) في العرض الموضوعي للفتاوى. ويمكنك أن تراجع في ذلك الفتويين رقم: 12185، 6667.
والله أعلم.