الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله العظيم أن يتوب عليك، وأن يعينك على الاستقامة، واعلم أخي السائل أن من أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس، فدع عنك رأي الناس فيك ، وهجرانهم وسوء معاملتهم لك، وأقبل على ربك إقبالا حسنا يتقبلك قبولا حسنا، فإن الله تعالى لا يضيع أجر المحسنين، واصبر على ما أصابك في سبيل توبتك ورجوعك إلى الله، فلا بد أن تمتحن ليرى الله صدقك في التوبة وعزيمتك على الثبات والاجتهاد في طاعته، وليكن تذكرك لذنوبك وخطاياك داعيا لك إلى إتباع السيئات بالحسنات والازدياد من الطاعات، وإياك أن يكون ذلك مدخلا للشيطان ليوقعك في اليأس من رحمة الله تعالى، فقد قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ {الزمر:53-55} فالتوبة والإنابة إلى الله واتباع شرعه والاستقامة على أمره، والصبر والثبات على ذلك وعدم التقهقر، هي الحل لما تعانيه. ولتجمع ـ أخي الكريم ـ بين الخوف من ذنوبك والرجاء في رحمة الله، كما بينا في الفتوى رقم: 25072.
وقد سبق لنا بيان شرط التوبة والحض عليها وما يتعلق بكلام السائل الكريم، في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10747، 17160، 56129، 3184، 5450.
كما سبق أن بينا ما يتعلق بالنظر للصور المحرمة ومحاذيره وعواقبه، في كثير من الفتاوى، ومنها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 65677، 1256، 2862.
وقد يكون ما تشتكيه من الشعور بعدم التوفيق في حياتك أثرا من آثار هذه المعصية أو غيرها من المعاصي، فإن اقتراف الفواحش تضيق على المرء معيشته، كما سبق بيانه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4188، 101296، 63843.
وأما بالنسبة لخوفك من العقوبة على سالف ذنوبك في أسرتك، فهذا إنما يمحى بالتوبة الصادقة، فمن تاب تاب الله عليه، فلا يلزم من وقوع شخص في فاحشة أن يقع أهله في مثلها، فقد قال تعالى: وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الأنعام:164}. وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية : 62381، 62381، 63847.
وأما بالنسبة لسوء معاملة الناس لك وتذكرهم لماضيك فهذا مما يخالفون به أمر الشرع، فقد قال الله تعالى في حق التائب من الكفر : فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ {التوبة:11} فما بالك بالتائب من الذنوب والمعاصي !!
ثم إن جواز هجر أهل المعاصي الذين لم يتوبوا ليس على إطلاقه، بل له ضوابط لا بد من مراعاتها، كما سبق أن بينا في الفتاوى: 106008، 31974، 58252، 14139.
والله أعلم.