الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليس من شك في أن نية المرء تحصين فرجه وإنجاب الذرية الصالحة يعتبر من الأمور الحسنة، ولكنه لا ينبغي أن يكون هو الهم الوحيد للمسلم، فالله تعالى قد خلق الإنسان لمقاصد كبيرة منها عمارة الأرض والإصلاح فيها، وإقامة الدين ونصرة الحق... وغير ذلك من الأمور التي لا يستطاع حصرها، وقد سبق أن بينا أن العلوم الدنيوية التي يحتاجها الناس لمصالحهم ومعايشهم كعلم الطب والهندسة والفيزياء والكيمياء ومثلها المعلوماتية يعتبر تعلمها عبادة إذا قصد بها نصرة الإسلام ونفع المسلمين ولو بعضهم وهي أيضاً من فروض الكفايات التي يجب أن يتخصص فيها بعض المسلمين، لأنها إذا تركت بالكلية ستضيع المجتمعات ويتعطل القيام ببعض الطاعات، ويحتاج المسلمون إلى الكفار، وقد بينا ذلك في عدة فتاوى نرجو أن تطلع عليها وهي تحت رقم: 65459، ورقم: 72130.
وعليه؛ فلا حرج عليك في هذا التخصص بنية ما ذكرت ولكنك إذا نويت مع ذلك التقرب إلى الله بكفاية المسلمين وإعانتهم وخدمة هذا الدين العظيم والقيام بشيء من فروض الكفايات تكون مثاباً على ذلك إن شاء الله تعالى، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لامرئ ما نوى. متفق عليه...
فالنية تحول الأعمال المباحة إلى طاعة وقربة لله تعالى، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 40763، والفتوى رقم: 39937.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن عبادة الاشتغال بفرض الكفاية أفضل من غيرها لأن نفعها متعد فربما شمل المجتمع كله.
قال صاحب المراقي:
وهو مفضل على ذي العين * في زعم الاستاذ مع الجويني
ونسأل الله لك التوفيق والنجاح.
والله أعلم.