الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحاديث غير صحيحة في فضل النبي صلى الله عليه وسلم

السؤال

ما صحة الأحاديث التالية: أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر؟
وفي الحديث القدسي: لما أردت أن أخلق الخلق قبضت قبضة من نوري فقلت لها كوني محمدًا، ثم خلقت من نور محمد كل الأشياء؟
وحديث: توسل آدم بمحمد عليه الصلاة والسلام، فقال الله له: لولا محمد ما خلقتك؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمنذ زمن بعيد والناس يتناقلون أحاديث كثيرة، ينسبونها تارة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وتارة إلى الله تعالى في فضائل النبي -صلى الله عليه وسلم-، دون أن يعرفوا صحتها من ضعفها، وجرهم ذلك إلى الغلو في النبي -صلى الله عليه وسلم- وإطرائه، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله.

ومن هنا فلا يجوز نسبة الأحاديث إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- أو إلى الله كأحاديث قدسية، حتى يميز بين الصحيح منها والضعيف والموضوع، وفي الصحيح كفاية عما سواه، والمقصود بالصحيح الصالح للاحتجاج به، سواء كان صحيحاً أو حسناً.

وفي الحقيقة لقد تنوعت عبارات الناس في نقلهم لأحاديث الفضائل النبوية، خاصة التي لم تثبت ولم تصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومن ذلك:
1- حديث: أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر. وهو حديث موضوع، مكذوب على النبي -صلى الله عليه وسلم-. وقد سبق ذلك في جواب سابق: 7389.
2- وأما الحديث المسئول عنه: لما أردت أن أخلق الخلق قبضت قبضة من نوري، فقلت لها: كوني محمداً، ثم خلقت من نور محمد كل الأشياء. فلم نقف عليه في الأحاديث الصحيحة ولا الضعيفة بهذا اللفظ. ولكن ورد حديث بلفظ: لولاك لما خلقت الأفلاك. وحديث: لولاك ما خلقت الجنة، ولولاك ما خلقت النار. وهذه كلها أحاديث مكذوبة موضوعة باطلة كما في كتاب: (اللؤلؤ المرصوع فيما لا أصل له، أو بأصله موضوع) لمحمد بن خليل القاوقجي ص: (452-454) كما ورد حديث بلفظ: لولاك ما خلقت الدنيا. وقد رواه الإمام ابن الجوزي في (الموضوعات)، وأقره السيوطي في (اللآلئ المصنوعة) (1/272)، وضعفه وأبطله الألباني أيضا، انظر: (سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (1/450) وانظر: المشتهر من الحديث الموضوع والضعيف لـ: عبد المتعال الجبري ص: 13.
3- وأما حديث: توسل آدم بمحمد -صلى الله عليه وسلم-، فهو حديث ضعيف الإسناد جداً، وقد حكم عليه بعض العلماء بأنه موضوع، وهو بعدة ألفاظ منها: لما اقترف آدم الخطيئة قال: يا رب أسألك بحق محمد إلا ما غفرت لي. وفي لفظ: يا آدم لولا محمد ما خلقتك. وقد بين بطلان هذا الحديث: الحافظ ابن عبد الهادي في (الصارم المنكي، في الرد على السبكي) والمحدث: محمد بشير السهسواني الهندي في كتابه (صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان) ص: 129.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني