الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ثواب القرض الحسن وإنظار المعسر

السؤال

إذا استدان مني شخص مبلغًا معينًا على أن يرجع المبلغ في الوقت المحدد، ولكن هذا الشخص طلب مدة إضافية لإرجاع المبلغ.
السؤال: ما هو أجر القرض الحسن عند الله سبحانه وتعالى؟ وما هو الأجر عند الله في عدم مطالبة الدائن للمدين وتركه حتى يستطيع إرجاع المبلغ في الوقت الذي يناسبه؟ وهل توجد أحاديث شريفة تحث على القرض الحسن أو الدين دون مقابل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن القرض الحسن في الأصل هو الإنفاق في سبيل الله ابتغاء مرضات الله، قال الطبري في التفسير عند قول الله تعالى: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا {البقرة:245} قال: هذا في سبيل الله، فيضاعفه له أضعافا كثيرة، قال: بالواحد سبعمائة ضعف. حدثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر، عن زيد بن أسلم قال: لما نزلت: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً، جاء أبو الدحداح الأنصاري إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا نبي الله، ألا أرى ربنا يستقرضنا؟ إنما أعطانا لأنفسنا! وإن لي أرضين: إحداهما بالعالية، والأخرى بالسافلة، وإني قد جعلت خيرهما صدقة! قال: فكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: كم من عذق مذلل لأبي الدحداح في الجنة. اهـ.

وقد فسره بعضهم بقوله: والقرض الحسن أن يكون المتصدق صادق النية طيب النفس، يبتغي به وجه الله دون الرياء والسمعة.

وفي تفسير القرطبي: القرض الحسن هو أن يقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر..كما فسره بعضهم بالنفقة على العيال... اهـ.

وعلى كل.. فالقرض الحسن فيه من الخير الكثير والثواب الجزيل ما لا يعلمه إلا الله تعالى ؛ فقد قال- سبحانه وتعالى-: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً، قال القرطبي في التفسير: وَقَالَ الْحَسَنُ وَالسُّدِّيُّ: لَا يعْلَمُ هَذَا التَّضْعِيفَ إِلَّا الِلَّهِ وَحْدَهُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: "وَيُؤْتِ ‌مِنْ ‌لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً. اهـ.

وأما السلف الذي لا منفعة فيه للمقرض، فإن فيه نصف أجر الصدقة، فقد روى الإمام أحمد وغيره أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إن السلف يجري مجرى شطر الصدقة. صححه الألباني في السلسلة.

ولذلك؛ فنرجو أن يكون ما فعلت داخلا في عموم الآيات والأحاديث الواردة في الموضوع.

وأما إنظار المعسر أو التجاوز عنه، فإنه من أسباب عفو الله عن العبد، والتجاوز عنه يوم القيامة، وصاحبه ممن يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، ففي الصحيحين وغيرهما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: كان رجل يداين الناس، فكان يقول لفتاه: إذا أتيت معسرًا فتجاوز عنه، لعل الله أن يتجاوز عنا، قال: فلقي الله فتجاوز عنه.

وقال -صلى الله عليه وسلم-: من أنظر معسرًا، أو وضع عنه، أظله الله في ظله رواه مسلم.

وقال صلى الله عليه وسلم: من أنظر معسرًا كان له كل يوم صدقة، ومن أنظره بعد حله كان له مثله في كل يوم صدقة. رواه أحمد وغيره.

فنصوص الوحي من القرآن والسنة مليئة بالترغيب في القرض الحسن، وبإمهال المعسر والتجاوز والوضع عنه. فهنيئًا لمن حصل على هذا الأجر العظيم. نسأل الله تعالى أن يتقبل من عباده المحسنين.

وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتويين: 61989، 74396.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني