السؤال
أنا شاب مسلم من تونس مهاجر في كندا منذ أربع سنوات لطلب الرزق، كنت لا أقيم الصلاة ولا الزكاة ولا أصوِم فهداني الله والحمد لله منذ بضعة أشهر فأصبحت ملتزما ولكنّي تزوجت بنصرانيّة خلال تلك الفترة واشتريّت بيتا بالربا ( مع أنّي كنت لا أعلم أنّ الربا حرام على عكس الصلاة والزكاة والصوم, كنت أجهل أنّ الربا من الكبائر قبل وبعد هجرتي في كندا ). فلمّا رجعت إلى الله عرضت الإسلام على زوجتي فأسلمت. فبدأت أحاول تبديل الحالة التي أنا عليها فقرّرت بيع البيت ولكن اعترضت زوجتي على هذا القرار، وقالت إذا تبيع البيت أطلقك أو أهجرك لأعيش عند أهلي حتى حين ( مع العلم أنّي إذا لم تكن أسلمت من قبل لطلقتها منذ أن هداني الله وليس ذلك عليّ بعزيز ). فماذا تفتوني أن أفعل إن شأن الله ؟ وكيف تنصحوني أن أتعامل مع امرأتي التي أراها ضعيفة الإيمان ؟ وما حكم العمل في مطعم يباع فيه الخنزير, إذا لم أجد عملا آخرا أعيش به, مع العلم أنّي حاولت الكثير من المرات إيجاد عمل آخر ولكن لم أستطع لأني أظنّ أنّ الناس يخافون من لحيتي ؟
جزاكم الله خيرا .
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاحمد الله تعالى أن أخذ بيدك وردك إليه، واعلم أن الله تعالى يبتلي عبده المؤمن ليعلم هل يثبت على استقامته ودينه أم لا، قال تعالى: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ {العنكبوت: 2 } فاثبت على توبتك واعلم أن بعد العسر يسرا.
وأما مسألة البيت الذي اشتريته عن طريق الربا فإنه لا يلزمك بيعه، وإذا كنت تجهل حكم الربا أصلا فنرجو أن لا يلحقك إثم التعامل به سلفا؛ لقوله تعالى: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ {البقرة: 275 }، أما إن كنت تعلم أن الربا حرام ولكنك تجهل أنه من الكبائر فإنك تأثم بتعاملك بالربا، وكفارة ذلك التوبة النصوح والعزم على عدم العود لمثلها . أما بيع البيت والتخلص منه فليس بلازم .
وبالنسبة لعملك في المطعم الذي يبيع الخنزير.. ينظر إن كنت تقوم بتقديمه للزبائن أو طهيه ونحو ذلك من الإعانة على الحرام فعملك حرام ويجب عليك تركه؛ إلا أن تكون مضطرا إليه فتعمل إلى حين وجود عمل آخر مباح ، أما إن كنت لا تباشر ما ذكرنا فلا بأس في عملك بهذا المطعم، وحاول أن تجد عملا آخر لا تجاور فيه المنكر .
أما كيف تتعامل مع زوجتك حديثة العهد بالإسلام؟ فعاملها بالمعروف الذي يأمر به الله ورسوله صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى : وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء: 19 }، وتدرج معها في العمل بأحكام الشريعة بالرفق واللين عسى أن يحسن إسلامها على يديك، وننبه إلى أن فاقد الشيء لا يعطيه، فعليك بطلب العلم الشرعي الذي تعرف به الواجب من غير الواجب، وتعرف به المعروف من المنكر حتى تعلم أن هذا معروف فتأمر به وأن هذا منكر فتنهى عنه، مع فقه ترتيب الأوليات، فتقدم ما حقه التقديم وتؤخر ما حقه التأخير وهكذا .
والله أعلم .