السؤال
كيف أُرضي ربي؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فعلى من أراد رضى الله أن يحرص على العمل بما يحب الله ويرضاه ويبتعد عما يسخطه, فيؤمن بالله تعالى ويتعلم ما أراد الله منه، ويمتثل أوامره ويجتنب نواهيه، وليكن في امتثاله واجتنابه مخلصاً لله تعالى متابعاً سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ويحب في الله ويبغض فيه، وقد جاءت النصوص الشرعية مبينة ما يحب الله من العباد فعله وما يحب تركه.
فقد ثبت في القرآن أنه سبحانه وتعالى يرضى عن المؤمنين الشاكرين الذين يوالون فيه ويعادون فيه وأنه يحب التوابين، والمتطهرين، والمتقين، والمحسنين، والمقسطين، والمتوكلين، والصابرين، والذين يتبعون الرسول، وثبت في القرآن أنه سبحانه وتعالى لا يحب الكافرين، والظالمين، والمعتدين، والمفسدين، والمستكبرين، والخائنين، والمسرفين، والفرحين، وأنه لا يحب من كان مختالاً فخوراً، ولا خواناً أثيماً، فقد قال الله تعالى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ {الفتح:18}، وقال تعالى: لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {المجادلة:22}، وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ* جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ {البينة:7-8}، وقال تعالى: وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ {الزمر:7}، وهو سبحانه وتعالى يحب المحسنين، كما قال تعالى: إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {البقرة:195}، ويحب التوابين والمتطهرين، قال الله تعالى: إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ {البقرة:222}، ويحب المتقين، قال الله تعالى: فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ {آل عمران:76}، ويحب المتوكلين، قال الله تعالى: إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ {آل عمران:159}، ويحب المقسطين، قال الله تعالى: إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {المائدة:42}، والله تعالى لا يحب المعتدين، قال الله تعالى: إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ {البقرة:190}، والله تعالى لا يحب الكافرين، قال الله تعالى: فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ {آل عمران:32}، ولا يحب من كان مختالاً فخوراً، قال الله تعالى: إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا {النساء:36}، ولا يحب من كان خواناً أثيماً، قال الله تعالى: إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا {النساء:107}، ولا يحب الفرحين، قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ {القصص:76}، ولا يحب المستكبرين، قال الله تعالى: إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ {النحل:23}، ولا يحب الجهر بالسوء، قال الله تعالى: لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ {النساء:148}، ولا يحب المسرفين، قال الله تعالى: إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ {الأنعام:141}، وقد كثر في الأحاديث بيان بعض الأعمال التي يحبها الله تعالى ويرضاها والتي يبغضها، فنذكر بعضها على سبيل المثال، ففي الحديث: إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي. رواه مسلم. وفي الحديث: أحب الأعمال إلى الله أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله. رواه ابن حبان، وحسنه الألباني في صحيح الجامع. وفي الحديث: إن الله يحب الرفق في الأمر كله. رواه البخاري ومسلم.
وفي الحديث: إن الله يحب سمح البيع، سمح الشراء، سمح القضاء. رواه الترمذي والحاكم وصححه الألباني. وفي الحديث: إن الله يرضى لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثا: فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم، ويكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال. رواه مسلم.
وفي الحديث: إن الله يحب معالي الأخلاق ويكره سفسافها. رواه الحاكم وصححه الألباني. وفي الحديث: أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً... رواه الطبراني وحسنه الألباني. وفي الحديث: إن الله يبغض الفاحش المتفحش. رواه أحمد وابن حبان، وصححه الألباني. وفي الحديث: إن الله يبغض كل جعظري جواظ صخاب في الأسواق، جيفة بالليل حمار بالنهار، عالم بالدنيا جاهل بالآخرة. رواه ابن حبان في صحيحه والبيهقي في السنن الكبرى.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني