السؤال
شيوخنا الأفاضل بارك الله فيكم وجمعنا معكم في جناته، أنا معلّم للقرآن لغير الناطقين بالعربية وأبذل الكثير من وقتي لتفسيره وتعليمه للمسلمين الأجانب، ولكني لا أحفظ الكثير من السور، فماذا ترون انصحوني مأجورين، أيهما أختار: تعليم القرآن وشرحه لغير الناطقين بالعربية أو الاجتهاد في حفظ كتاب الله العظيم لما له من الأجر يوم القيامة، ( علماً بأني لا أستطيع أن أجمع بين العملين)؟ أرجو سرعة الرد.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن تعلم القرآن وتعليمه وحفظه... من أعظم الأعمال أجراً عند الله تعالى، ففي الصحيحين وغيرهما عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خيركم من تعلم القرآن وعلمه. وروى الديلمي في مسند الفردوس عن أبي أمامة مرفوعاً: حامل القرآن حامل راية الإسلام...
فتعلم القرآن وتعليمه شرف الدنيا والنجاة في الآخرة، ولذلك فإننا نهنئك ونشد من أزرك ونشجعك على مواصلة هذا العمل العظيم، ولا ننصحك بترك تعليم الناس والتفرغ للحفظ إلا إذا كان هناك من يقوم بهذا العمل العظيم الذي هو تعليم كتاب الله تعالى، حتى لا يتعطل هذا الخير العظيم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرضين حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير. رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني.
وقد كان الصحابة والسلف الصالح -رضوان الله عليهم- يعلمون الناس ما عندهم من العلم امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم: بلغوا عني ولو آية... رواه البخاري وغيره.
فإذا لم تجد من يقوم بهذا الفرض فلا ينبغي لك تركه وإنما عليك أن تسدد وتقارب وتوزع وقتك على الأخذ والعطاء والحفظ والتعليم حتى تستكمل حفظ كتاب الله تعالى بالتدريج، ومن أعظم ما يعينك على ذلك تعليم ما حفظت لما في ذلك من المراجعة والتثبيت.
أما إذا وجدت من يقوم بعملك فلا شك أن التفرغ لطلب العلم وإكمال حفظ القرآن وإتقانه وتجويده وتعلم ما تيسر من علوم الشرع ثم تعليم ذلك للناس أنه أفضل، والمهم ألا يتعطل عمل الخير وتعليم الناس، نسأل الله تعالى أن يعينك ويبارك في جهودك ويتقبل منك.
والله أعلم.