السؤال
طرحت الحكومة لدينا مبادرة لتشجيع الصناعة الوطنية وتنمية البلد وتشغيل اليد العاملة عن طريق قروض مصرفية طويلة الأمد وبفوائد قليلة جداّ تقدر ب 5% تدفع على مدى 10 سنوات مع إعفاء خاص للصناعات الزراعية من الفوائد، القروض لمدة أربع سنوات الأولى أي تحسب الفوائد ابتداء من السنة الخامسة. السؤال الاول: هل يعتبر هذا القرض ذو ا الفوائد القليلة جداّ قرضا ربويا؟السؤال الثاني (هام جداّ ): في حال الصناعات الزراعية كما ذكرنا سلفاّ المعفاة من الفوائد لمدة أربع سنوات هل يجوز سحب القرض وتسديده قبل فترة الأربع سنوات بحيث لا يترتب على المقترض أي فوائد تذكر هل في هذه الحالة يجوز سحب القرض؟ السؤال الثالث: في حال عدم التمكن من إتمام المشروع لا بتوفر السيولة النقدية مع العلم أنه تم دفع 60 % من تكاليف المشروع من عقارات والمكنات الصناعية اللازمة ولم يبق سوى المواد الأولية مع بعض التتمات الضرورية لإطلاق بداية المشروع مع العلم أنه لم يتوفر ممول أو شريك لإتمام هذه العملية وأي تأخير في البداية يترتب عليه ضرر مادي كبير قد يؤدي بالمشروع إلى الإفلاس هل يجوز رفع الضرر الحاصل بهذا القرض الصناعي خاصة أن الحكومة غايتها الأساسية من هذه القروض هي تشجيع ودعم الصناعات المحلية وتنميتها وليس الغاية منه الربح الربوي أي يمكن اعتبار فائدة 5% على المبلغ مسددة على عشرة سنوات بمثابة مصاريف إدارية للحكومة وليس ربحا ربويا كما أعلنت الحكومة ذاتها في قرارها الإداري المتضمن قرار القرض؟
نرجو التكرم ودراسة الموضوع بتمعن خاصة أنه كما أعلنت سابقاّ أن هدف الحكومة هو التنمية وليس الربح الربوي أفيدونى بعلمكم بالوجه الشرعي أفادكم الله.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فكل قرض جر نفعاً فهو ربا لا يجوز، قلَّت الفائدة أو كثرت، ولا عبرة بالنية الحسنة، فالحرام حرام والربا ربا، قال الله تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا {البقرة: 275}.
فمهما حسنت نية فاعله فالإسلام لا يرضى أن يتخذ الحرام وسيلة إلى غاية محمودة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من جمع من حرام ثم تصدق به لم يكن فيه أجر وكان إصره عليه. رواه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم.
فلا يجوز لكم أن تأخذوا قرضا ربوياً، سواء كان من فرد أو مؤسسة أو دولة، وسواء قل الربح أو كثر، بل حتى التعاقد على ذلك لا يجوز، ولو كان السداد قبل حلول الفائدة، فتلك حيلة على الربا باطلة مثل حيلة أصحاب السبت إذا حرم عليهم الاصطياد في يوم السبت فنصبوا شباكهم يوم الجمعة وتركوها إلى يوم الأحد، وقالوا: لم نصطد في السبت، فأخذهم الله بعذاب بئيس؛ كما في سورة الأعراف.
وحسب المسلم في حرمة الربا وخطورته قوله صلى الله عليه وسلم: لعن الله الربا آكله وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء. رواه مسلم.
ولإكمال المشروع ينبغي أن تبحثوا عن قرض حسن ولو برهن أو كفيل ونحوه من الضمانات أو مشارك إلى غير ذلك من الأسباب المباحة: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق: 2-3}.
ونذكركم بأن إكمال المشروع وطلب الربح وزيادة المال ليس ذلك من الضرورات المبيحة للحرام، كما بينا في الفتوى رقم: 6501، والفتوى رقم: 1297.
وأما اعتبار كون الفائدة مصاريف إدارية وليست ربحاً، فنقول: يجوز دفع الرسوم للمصاريف الإدارية بشرط تحديدها ومعلوميتها، لأنها أجرة ويشترط في الأجرة ما يشترط في الثمن والمثمن، فلابد من تحديدها ولا تصح أن تكون نسبة وإلا كانت مرتبطة بالقرض، وليست مرتبطة بالخدمة، والعبرة في العقود بالمعاني لا بالألفاظ والمباني.
قال ابن قدامة: كل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية فأسلف على ذلك فهو ربا.
وفي المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة أفتى العلماء بإجماع أن: الفائدة على أنواع القروض كلها ربا محرم لا فرق في ذلك بين ما يسمى بالقرض الاستهلاكي وما يسمى بالقرض الإنتاجي.
والله أعلم.