السؤال
أولاً جزاكم الله خيراً على توفير هذه الخدمة لنا،
أنا شاب في مقتبل العمر أعزب أسأل الله أن يزوجني ليعصمني من الفتن فأنا أقيم في مصر وأبي رجل كبير السن يقوم بخدمة نفسه وليس في حاجة لي إلا أنه يريد من يؤنس وحدته وأنا أريد السفر للخارج لمحاولة استقرار أموري، ولكن يؤرقني أبي ووحدته ولا أريد أن أغضب ربي عز وجل، فما عنده لا ينال إلا بطاعته فلا أدري أأسافر وأتركه حتى ييسر الله لي وأرسل له ليعيش معي في بلدي الجديد أم أقيم معه وأنتظر رحمة الله عز وجل وتوفيقه؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان سفرك آمنا ولا مخاطر يخشى عليك الهلاك فيها لا في طريقك ولا في عملك وبلد إقامتك ولا تخشى على أبيك من الضياع لو سافرت عنه، فلا مانع من السفر بدون إذن والدك وإن مانع من سفرك، والأولى أن ترضيه بما تراه مناسباً.
قال الإمام السرخسي الحنفي في شرح السير الكبير: وكل سفر أراد الرجل أن يسافر غير الجهاد لتجارة أو حج أو عمرة فكره ذلك أبواه، وهو لا يخاف عليهما الضيعة فلا بأس بأن يخرج، لأن الغالب في هذه الأسفار السلامة، ولا يلحقهما في خروجه مشقة شديدة، فإن الحزن بحكم الغيبة يندفع بالطمع في الرجوع ظاهراً، إلا أن يكون سفرا مخوفا عليه منه، نحو ركوب البحر، فحينئذ حكم هذا وحكم الخروج إلى الجهاد سواء، لأن خطر الهلاك فيه أظهر.
والسفر على قصد التعلم إذا كان الطريق آمنا، والأمن في الموضع الذي قصده ظاهراً لا يكون دون السفر للتجارة، بل هذا فوقه لقوله تعالى: فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ. فلا بأس بأن يخرج إليه وإن كره الوالدان، إذا كان لا يخاف الضيعة عليهما.
قال: وإن كان يخرج في التجارة إلى دار الحرب بالأمان فكرها ذلك فإن كانوا قوما يفون بالعهد معروفين بذلك فلا بأس بأن يخرج، لأن الغالب هو السلامة، فصار هذا والخروج إلى بلدة أخرى من دار الإسلام سواء. انتهى.
وقال النووي في المجموع: إذا أراد الولد السفر لطلب العلم فقد جزم المصنف في أول كتاب السير بأنه يجوز بغير إذن الأبوين، قال: وكذلك سفر التجارة لأن الغالب فيها السلامة. انتهى.
وقال السيوطي في الأشباه والنظائر: منها: تحريمه على الولد إلا بإذن أبويه، ويستثنى السفر لحج الفرض ولتعلم العلم والتجارة. انتهى، أي لا يحرم سفر التجارة بدون إذن الوالدين، نسأل الله عز وجل أن ييسر لك أمرك.
والله أعلم.