السؤال
الإخوة الأعزاء، درج أهلنا في السودان على إعداد الطعام بعد دفن الميت لمدة يومين أو ثلاثة أيام وهو ما يسمى عندنا بالفراش ويقوم كل معز بدفع مبلغ من المال كمساهمة منه وقد أصدر الإخوة في المركز العام لجماعة أنصار السنة المحمدية بالسودان عدة فتاوى تحرم الفراش ولكن بعض منهم تراجع مجتهداً، وقد اعتمدوا في تراجعهم على أن المعزي يدفع نقوداً مما ينفي إعداد أهل الميت للطعام بحكم أن أموال الطعام مصدرها المعزون، نرجو الإفادة؟ وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يشرع لأهل الميت صنع الطعام سواء كان من مال الورثة، أو من ثلث مال الميت الذي أوصى به ولو أوصى بصنعه، لأنه خلاف السنة, ولا يشرع أيضاً صنعهم للطعام ولو كان المال من قبل المعزين لأن في ذلك تكليفهم بأعباء فوق ما هم فيه من الحزن، والسنة أن يقدم لهم الطعام جاهزاً، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: اصنعوا لآل جعفر طعاماً فإنه أتاهم أمر يشغلهم. رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
فالسنة إذن أن يقدم هذا الطعام لأهل الميت، لا أن يصنعوه وينشغلوا به زيادة على انشغالهم بمصابهم، وقد قال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد الدفن من النياحة. رواه أحمد.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: يستحب إصلاح طعام لأهل الميت، يبعث به إليهم، إعانة لهم، وجبرا لقلوبهم، فإنهم ربما اشتغلوا بمصيبتهم وبمن يأتي إليهم عن إصلاح طعام لأنفسهم. وقد روى أبو داود في سننه بإسناده عن عبد الله بن جعفر، قال: لما جاء نعي جعفر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اصنعوا لآل جعفر طعاماً، فإنه قد أتاهم أمر شغلهم. وروي عن عبد الله بن أبي بكر، أنه قال: فما زالت السنة فينا، حتى تركها من تركها، فأما صنع أهل الميت طعاما للناس، فمكروه، لأنه فيه زيادة على مصيبتهم، وشغلا لهم إلى شغلهم، وتشبها بصنع أهل الجاهلية، وروي أن جريراً وفد على عمر، فقال: هل يناح على ميتكم؟ قال: لا، قال: فهل يجتمعون عند أهل الميت، ويجعلون الطعام؟ قال: نعم، قال: ذاك النوح. وإن دعت الحاجة إلى ذلك جاز، فإنه ربما جاءهم من يحضر ميتهم من القرى والأماكن البعيدة، ويبيت عندهم، ولا يمكنهم إلا أن يضيفوه. انتهى.
وعليه؛ فلا يرتفع المحظور إذن بتقديم مال لأهل الميت ثم شغلهم بصنع الطعام والاجتماع في بيتهم، واعتقاد أن هذا العمل ينفع الميت اعتقاد غير صحيح، لأن النياحة مما يتأذى به الميت.
والله أعلم.