السؤال
كيف نرد على من قال إن البدعة تنقسم إلى قسمين بدعة حسنة وسيئة، وكيف نرد على استدلالهم بأحاديث من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها... الحديث، وحديث ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن، نرجو الجواب عن هذه الشبه بصيغة تناسب العوام، وشكراً ونرجو عدم الإحالة لإجابة سابقة؟ وشكراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليس في الشرع بدعة حسنة وانظر الفتوى رقم: 2741، أما السنة الحسنة فهي التي توافق الشرع، وهذه تشمل أشياء، منها أن يبدأ الإنسان بفعل شيء لم يسبق إليه مستنداً في ذلك إلى دليل شرعي، ويدل على ذلك سبب ورود الحديث.
ففي صحيح الإمام مسلم عن جرير بن عبد الله قال: جاء ناس من الأعراب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم الصوف فرأى سوء حالهم قد أصابتهم حاجة، فحث الناس على الصدقة فأبطأوا عنه حتى رؤي ذلك في وجهه، قال: ثم إن رجلاً من الأنصار جاء بصرة من ورق ثم جاء آخر ثم تتابعوا حتى عرف السرور في وجهه، فقال صلى الله عليه وسلم: من سن في الإسلام سنة حسنة فعمل به بعده كتب له مثل أجر من عمل بها ولا ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعمل بها بعده كتب عليه مثل وزر من عمل بها ولا ينقص من أوزارهم شيء. فهذا الرجل سن سنة ابتداء عمل لا ابتداء شرع، وانظر الفتوى رقم: 32897.
والسنة الحسنة تشمل أيضاً السنة التي تركها الناس، ثم فعلها شخص فأحياها، فهذا يقال عنه سنها، بمعنى أحياها، وإن كان لم يشرعها من عنده، وتشمل كذلك فعل الشخص شيئاً وسيلة لأمر مشروع مثل بناء المدارس وطبع الكتب، فهذا لا يتعبد بذاته، ولكن لأنه وسيلة لغيره فإنه يدخل في قوله صلى الله عليه وسلم: من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها.
وأما حديث: ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن. فهو من قول عبد الله بن مسعود كما عند أحمد وغيره، قال الحافظ ابن حجر في الدراية: لم أجده مرفوعاً،وأخرجه أحمد موقوفاً على ابن مسعود بإسناد حسن....
ثم إن هذا الأثر يستشهد به العلماء في غير ما استدل به محسنوا البدع، فإنهم يستدلون به في باب الإجماع عند ذكر حجيته، وممن استدل به ابن قدامة في (روضة الناظر)، وابن القيم في (إعلام الموقعين)، وكذلك الإمام الشاطبي في (الاعتصام)، فقال: ظاهره يدل على أن ما رآه المسلمون حسناً فهو حسن، والأمة لا تجتمع على باطل، فإجماعهم على حسن شيء يدل على حسنه شرعاً، لأن الإجماع يتضمن دليلاً شرعياً.
والله أعلم.