السؤال
هل هناك تفسير لعدم نزول العذاب على قريش حين كذبوا بآية انشقاق القمر مع مقارنة موقف مماثل حين طلبوا من الرسول(صلى الله عليه وسلم) أن يحول أحد جبال مكة إلى ذهب و جاء جبريل إلى الرسول(صلى لله عليه وسلم) يخبره أنه إذا جاءتهم آية و كذبوا بها فإنه سينزل بهم عذاب فلماذا لم يحدث هذا لقريش حين كذبوا بآية انشقاق القمر.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن القمر قد انشق معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم عندما طلب منه كفار قريش آية تدل على صدقه. وقد سجل القرآن الكريم هذه الحادثة، كما صحت في السنة النبوية الشريفة كما في البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: سأل أهل مكة أن يريهم آية، فأراهم انشقاق القمر. ولم يكن ذلك ـ أي انشقاق القمر بعينه ـ بطلب من قريش وإنما طلبوا دليلا يدل على صدقه صلى الله عليه وسلم، فأراهم الله تعالى تلك المعجزة ـ والتي ذكر رواد الفضاء أنهم أثبتوها كما جاء في محاضرات الأستاذ الدكتور زغلول النجار العالم المعروف.
أما المعجزات التي نص عليها الكفار وطلبوها من النبي صلى الله عليه وسلم بعينها فهي التي جاء عنها قول الله تبارك وتعالى: وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ{الإسراء: 59}، قال ابن كثير: يقول تعالى: سنتي في خلقي إذا آتيتهم ما سألوا فإن آمنوا وإلا عاجلتهم بالعقوبة، مع أنهم شاهدوا من آياته أعظم مما سألوا حين أشار بحضرتهم إلى القمر فانشق فرقتين. ومثل هذا المعنى عند القرطبي، وهذا الطلب من المشركين لتلك المعجزات لم يكن رغبة في الحق وإظهارا للدليل عليه، وإنما هو للعناد والكفر والإمعان في الاستهزاء. ولو جاءتهم هذه الآيات التي طلبوا ثم كفروا بعد ذلك لنزل بهم العذاب. ولهذا خير الرسول صلى الله عليه وسلم بين إعطائهم ما سألوا فإن آمنوا وإلا عذبوا، وبين إنظارهم، فاختار إنظارهم كما حلم عنهم غير مرة. قاله ابن كثير، ولهذا قال الله تعالى عنهم: وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ*لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ{الحجر: 14ـ15}. ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم:49312.
والله أعلم.