السؤال
أنا من دولة عربية، وعندي سؤال بخصوص الاستثمار في البورصة، فعندنا شيء اسمه: "المؤشرات الشرعية"، ومنها مؤشر يحدّد كل ستة شهور الشركات التي يجوز الاستثمار فيها؛ لأنها لا تعمل في أنشطة محرمة، ومن الشروط أن تكون الشركة متوافقة مع الشريعة، وألا تزيد القروض التي تأخذها الشركة عن 30% من أصولها، فكيف تكون الشركة متوافقة مع الشريعة وهي مقترِضة؟ فهدفي أن أستثمر استثمارًا حلالًا بنسبة 100%، ولا أريد أن أقع في شبهة ربا. وجزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإشكال السائلة في محلّه! والأصل هو حرمة الإسهام في الشركات التي تتعامل بالربا، وإن قلّت نسبته، وهو الذي نرجّحه، ونفتي به، وهو الذي صدر به قرار المجمع الفقهي.
وأجاز بعض أهل العلم شراء الأسهم المختلطة، إذا كان أصل نشاط الشركة مباحًا؛ بشرط ألا يبلغ إجمالي التعامل الربوي 30% من القيمة السوقية لمجموع أسهم الشركة، مع لزوم ما يسمونه تطهير الأسهم بعد ذلك، وانظري الفتويين: 66665، 421915.
وهذا القول الثاني هو الذي جرت عليه المعايير الشرعية الصادرة عن هيئة المراجعة والمحاسبة للمؤسسات المالية الإسلامية، في المعيار رقم: (21) المتعلق بالأوراق المالية (الأسهم والسندات)، وفيه:
الأصل حرمة المساهمة والتعامل (الاستثمار أو المتاجرة) في أسهم شركات تتعامل أحيانًا بالربا، أو نحوه من المحرمات، مع كون أصل نشاطها مباحًا، ويستثنى من هذا الحكم المساهمة أو التعامل (الاستثمار أو المتاجرة) بالشروط الآتية:
ـ ألا تنصّ الشركة في نظامها الأساسي أن من أهدافها التعامل بالربا، أو التعامل بالمحرمات -كالخنزير، ونحوه-.
ـ ألا يبلغ إجمالي المبلغ المقترض بالربا، سواء أكان قرضًا طويل الأجل، أم قرضًا قصير الأجل 30% من القيمة السوقية (Market Cap) لمجموع أسهم الشركة، علمًا بأن الاقتراض بالربا حرام مهما كان مبلغه.
ـ ألا يبلغ إجمالي المبلغ المودع بالربا، سواء أكانت مدة الإيداع قصيرة، أو متوسطة، أو طويلة 30% من القيمة السوقية (Market Cap) لمجموع أسهم الشركة، علمًا بأن الإيداع بالربا حرام مهما كان مبلغه...
ـ يجب التخلّص مما يخص السهم من الإيراد المحرّم الذي خالط عوائد تلك الشركات ... اهـ.
وجاء في ملحق مستند الأحكام الشرعية: مستند استثناء التعامل بأسهم شركات أصل نشاطها حلال، ولكن تودع أو تقترض بالفائدة، هو تطبيق قاعدة: رفع الحرج والحاجة العامة، وعموم البلوى، ومراعاة قواعد الكثرة والقلّة والغلبة، وجواز التعامل مع من كان غالب أمواله حلالًا، والاعتماد على مسألة تفريق الصفقة عند بعض الفقهاء، وعلى ذلك فتاوى معظم هيئات الفتاوى والرقابة الشرعية للبنوك الإسلامية. اهـ.
ولأن من قال بهذا يعتمد على قاعدة: "رفع الحرج، ومراعاة الحاجة"؛ فإنهم نصّوا على أن جواز التعامل بالأسهم المختلطة مقيّد بالحاجة.
فإذا وجدت شركات مساهمة تلتزم اجتناب التعامل بالربا، وتسدّ الحاجة؛ فيجب الاكتفاء بها عن غيرها ممن لا يلتزم بذلك، كما جاء في قرار الهيئة الشرعية للراجحي.
والله أعلم.