السؤال
أنا وزوجي -ولله الحمد- أكرمنا الله برزق، ولنا ابنة وحيدة تبلغ من العمر سبعة عشر عامًا، ولا يوجد من يرعاها بعد وفاتنا. أعلم أنه يجوز لنا في حياتنا أن نهب لها ما نشاء، ولكنها لا تزال صغيرة السن، ونخشى ألا تُحسن التصرف بالمال، كما أننا بحاجة لجزء منه لنعيش.
فما هي نصيحتكم لنا بما يمكننا فعله لتأمين مستقبلها بما يرضي الله تعالى؟ وإذا أردنا أن نهب لها شيئًا من مالنا، فهل يجب أن يكون ذلك على صورة عقد مكتوب، أم يكفي أن يكون شفوياً؟ وهل يحق لنا بعد أن نهبها المال أن نطلب منها توكيلًا يخولنا التصرف في المال لحين بلوغها سن الرشد؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنصيحتنا لكم أولًا: ألا تخافوا على ابنتكم الفقر بعدكم، وأن تجعلوا وصيتكم لها إيمانًا بالله، وحسن ظنّ به تُقرّونه في قلبها، وأن تتوكلوا على الله، وتفوضوا الأمر إليه، فهو سبحانه الحيّ الذي لا يموت، وهو أرحم بعباده من الوالد بولده، فإن اتقيتم الله في أمرها، وأحسنتم إليها، ووكلتم أمرها إلى الله، كفاها من بعدكم كما كفاها في حياتكم، فكم من يتيمٍ لا أب له، فتح الله عليه من خزائن رحمته، وكم من غنيٍّ ترك لبنيه مالًا وفيرًا، فلم ينفعهم، بل كان عليهم فتنة ووبالًا.
ونُذَكِّر هنا بقول الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه- لما قيل له: هؤلاء بنوك -وكانوا اثني عشر- ألا توصي لهم بشيء فإنهم فقراء؟ فقال: (إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين) والله لا أعطيتهم حق أحد، وهم بين رجلين: إمَّا صالح، فالله يتولى الصالحين، وإمّا غير صالح، فما كنت لأعينه على فسقه. انتهى من: البداية والنهاية، لابن كثير.
الشاهد من كلامه أن الولد إن كان صالحًا، فالله يتولاه، ومن تولاه الله فلا خوف عليه، وإن كان غير صالح، فالمال يعينه على فسقه.
وأمّا بخصوص ما يمكن أن تفعلوه لها في حياتكم، فيصح أن تهبوها ما تريدون هبة نافذة، وينبغي توثيق ذلك والإشهاد عليه.
ويصحّ عند بعض أهل العلم أن يهب الإنسان شيئًا ويشترط انتفاعه به مدة معلومة.
قال الحجاوي -رحمه الله- في الإقناع: ويصح أن يهب شيئًا ويستثني نفعه مدة معلومة. انتهى. وللمزيد تراجع الفتوى: 49539.
والله أعلم.