السؤال
أنا عمري خمسون عاماً ولم أنل من التعليم إلا المتوسط ولكن الحمد لله أحفظ من القرآن أكثر من خمسة عشر جزءاً، ولكن سمعت من وصفتني بأني جاهلة لا أحمل شهادة جامعية ولأنني غضبت في نقاش دار بيني وبينها فهل أعتبر فعلاً جاهلة وأنا والحمد لله أقرأ دائماً الكتب الدينية، وأعلم من الله ما لا يعلمون هم، أرجو إفادتي هل العلم هو فقط العلوم الدنيوية؟ وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن العلم الذي بينت الآيات والأحاديث فضله ومكانة صاحبه عند الله هو العلم بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من عند الله، وما أجمع عليه العلماء أو استنبطوه من الوحيين، وهو الذي قال الله فيه: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [المجادلة:11]، وقال تعالى: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ [الزمر:9]، وقال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: خيركم من تعلم القرآن وعلمه. رواه البخاري.
وقال ابن القيم رحمه الله:
العلم قال الله قال رسوله * إن صح والإجماع فاجهد فيه
وقال الشافعي رحمه الله:
كل العلوم سوى القرآن مشغلة * إلا الحديث وإلا الفقه في الدين
العلم ما كان فيه قال حدثنا * وما سوى ذاك وسواس الشياطين
وأما العلوم الدنيوية التي يتعلم بها ما ينفع الناس فلا شك أن العلم بها أفضل من جهلها، ويمكن أن يطلق على من جهلها أنه جاهل بها لا أنه جاهل مطلقاً، ولا سيما إذا كان يحفظ نصف القرآن ويقرأ الكتب الدينية، وليعلم أن العلم والجهل يطلقان على الإنسان بحسب ما يغلب على حاله، فقد ذكر ابن عبد البر في التمهيد: أنه لا نقيصة على العالم من جهل الشيء اليسير من العلم؛ إذ الإحاطة لا سبيل إليها، وقد يسمى العالم عالما وإن جهل أشياء، كما يسمى الجاهل جاهلاً وإن علم أشياء، وإنما تستحق هذه الأسماء بالأغلب.
ثم إن الدراسة في الثانوية والجامعة ليست شرطاً في تحصيل، فكم من عالم حصل كثيراً من المعارف وهو لم يدرس بها، وكم من صاحب شهادات عليا وهو ضعيف المستوى في العلم.
هذا.. ونوصيك بالحرص على إكمال حفظ القرآن والإكثار من المطالعة في كتب الحديث والسعي في تعليم أولادك وجاراتك، وعليك بالصبر والبعد عن الجدال، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا. رواه أبو داود وصحح إسناده النووي.
والله أعلم.