السؤال
هل الكبائر ثقيلة في الميزان، أم إنها مثل الذنب العادي، لكنها لا تمحى إلا بالتوبة؟ وهل فعل الكبائر درجات؟ ولا أقصد أي الكبائر أكبر، فالتبرّج من الكبائر، فهل التي ترتدي الحجاب غير الشرعي من اللاتي يفعلن الكبائر؟ وهل التي ترتدي الحجاب وتضع القليل من المكياج هي والمتبرجة السافرة في نفس الدرجة أم إن هذا شيء علمه عند الله؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الكبائر ليست كالصغائر، قال ابن حجر الهيتمي في الزواجر عن اقتراف الكبائر: وقسمها جمهور العلماء إلى صغائر، وكبائر؛ لقوله تعالى: (وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ) فجعلها رتبًا ثلاثة.
وسمّى بعض المعاصي فسوقًا دون بعض، وقوله تعالى: (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ)، وفي الحديث الصحيح: «الكبائر سبع»، وفي رواية: "تسع"، وفي الحديث الصحيح أيضًا: «ومن كذا إلى كذا كفارة لما بينهما، ما اجتنبت الكبائر»؛ فخص الكبائر ببعض الذنوب، ولو كانت الذنوب كلها كبائر، لم يسغ ذلك. اهـ بتصرف يسير.
ولها ثقل في الميزان، قال الحليمي في المنهاج في شعب الإيمان: وأما المخلطون، فإن حسناتهم أيضًا توضع في الكفة النيرة، وآثامهم وسيئاتهم في الكفة المظلمة؛ فيكون يومئذ لكبائرهم التي جاؤوا بها ولحسناتهم ثقل».
وقال القرطبي في التذكرة: وأما المخلطون، فحسناتهم توضع في الكفة النيرة، وسيئاتهم في الكفة المظلمة؛ فيكون لكبائرهم ثقل، فإن كانت الحسنات أثقل، ولو بصؤابة – وهي بيضة القمل- دخل الجنة، وإن كانت السيئات أثقل، ولو بصؤابة؛ دخل النار، إلا أن يغفر الله. اهـ
وفعل الكبائر يكون درجات، بحسب ما ينضم إليها مما يغلظها أو يخففها، قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى: والذنب يتغلّظ بتكراره، وبالإصرار عليه، وبما يقترن به من سيئات أخر.... فقد يقترن بالذنوب ما يخففها، وقد يقترن بها ما يغلظها. اهـ
وقال الشاطبي في الموافقات: وقد ينضاف الذنب إلى الذنب؛ فيعظم بسبب الإضافة؛ فليست سرقة نصف النصاب كسرقة ربعه، ولا سرقة النصاب كسرقة نصفه؛ ولذلك عدوا سرقة لقمة، والتطفيف بحبة، من باب الصغائر، مع أن السرقة معدودة من الكبائر. اهـ
فمن ترتدي الحجاب الشرعي وتضع القليل من المكياج؛ ليست كالمتبرجة؛ لما ورد في التبرج من الوعيد الشديد، كما بيناه في الفتوى: 26387.
والله أعلم.