الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

البداءة بالسنن الرواتب من صلاة الفجر، أم من الظهر، أم غيرهما من الصلوات؟

السؤال

سؤالي عن صلاة نافلة الثنتي عشرة ركعة، إذا بدأ اليوم فهل نبدأ بسنة الفجر إلى العشاء أم نبدأ بسنة الظهر إلى الفجر؟ فالحديث أول ما بدأ به سنة ما قبل الظهر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمقصود من الحديث الحثّ على أن يحافظ المسلم على هذه الثنتي عشرة ركعة في يومه وليلته، ولا فرق في هذا بين اعتبار البداءة بها من صلاة الفجر، أم من صلاة الظهر، أم غيرهما من الصلوات؛ فلا تظهر ثمرة عملية لهذا السؤال، ولم نقف عند أحد من العلماء على ذكر لهذا الاستشكال.

وأما التفصيل: فقد ثبت في صحيح مسلم عن أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي ‌عشرة ‌ركعة تطوعًا، غير فريضة، إلا بنى الله له بيتًا في الجنة. أو إلا بني له ‌بيت في الجنة.

وقد جاءت روايات خارج الصحيح في تفسير هذه الركعات، وفي بعضها البداءة بأربع ركعات قبل الظهر، وفي أخرى: البداءة بركعتين قبل الفجر.

فقد زاد النسائي، والترمذي في حديث أم حبيبة: أربعًا قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل صلاة الفجر.

لكن عند النسائي: وركعتين قبل العصر. بدل: وركعتين بعد العشاء. وقال الترمذي: حسن صحيح.
وأخرج الترمذي، والنسائي، وابن ماجه عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ثابر على ثنتي ‌عشرة ‌ركعة من السنة، بنى الله له بيتًا في الجنة: أربع ركعات قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين ‌قبل ‌الفجر.

وأخرج ابن ماجه أيضًا عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، وقال: ركعتين قبل الفجر، وركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين -أظنه قال:- قبل العصر، وركعتين بعد المغرب أظنه قال: وركعتين بعد العشاء الآخرة.

قال ابن القيم في زاد المعاد -بعد ذكر هذه الروايات-: وهذا التفسير يحتمل أن يكون من كلام بعض الرواة مدرجًا في الحديث، ويحتمل أن يكون من كلام النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعًا. اهـ.

وعلى القول بأن التفسير مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فاللفظ قد يكون من تصرّف بعض الرواة بالتقديم أو التأخير رواية للحديث بالمعنى.

ثم إن مجرد العطف بـ(الواو) لا يقتضي الترتيب على الصحيح، قال ابن تيمية -كما في مجموع الفتاوى-: معلوم أن لفظ ‌الواو لا يفيد ‌الترتيب، على الصحيح الذي عليه الجمهور.

وتبقى الإشارة إلى أن الصحيح هو أن أول صلوات اليوم هي صلاة الفجر، قال ابن تيمية -كما في جامع المسائل-: فإن أول الصلوات هي الفجر، وهي ركعتان؛ لتنتقل النفس منها على التدريج إلى ما هو أكثر منها ...

وقد قال صلى الله عليه وسلم: المغرب وتر النهار، فأوتروا صلاة الليل. رواه أحمد.

ولو كانت الظهر أول الصلوات، لم تكن الفجر داخلة لا في وتر الليل، ولا في وتر النهار.

ومعلوم أيضًا أن أول النهار طلوع الفجر؛ فصلاة ذلك الوقت تكون أول الصلوات، والإنسان حينئذ يكون كالميت؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استيقظ يقول: الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا، وإليه النشور.

فكان أول الصلوات هي الفجر، وإذا كانت الفجر أولها، كانت العصر أوسطها. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني