الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شروط توكيل الآمر بالشراء في بيع المرابحة

السؤال

طلبتُ من شخص تمويلًا بصيغة المرابحة؛ للاتّجار في محل للمواد الغذائية، وأنا أعلم شروط المرابحة، وأن الشرط الأساسي هو أن يتملّك الشخص البضاعة التي طلبتها، وبعد ذلك يبيعها لي بالأقساط، مع ربح معلوم، ولكن هذا الشخص بعيد عن المنطقة التي أنا فيها وأريد أن أعمل بها المشروع، ولا يستطيع أن يأتي لكي تتم عملية المرابحة بالطريقة هذه، فما الحلّ؟ فأنا في أشد الحاجة؛ فعليّ ديون، وأريد أن أتاجر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذه المعاملة يمكن إجراؤها عن طريق الوكالة الشرعية؛ بأن يوكل شخصا غيرك فيشتري له البضاعة، ثم يبيعها لك بعد تملكه لها، وإن تعذر ذلك -مع الحاجة إلى المعاملة- فيمكنه توكيلك في ذلك، فيرسل لك هذا الشخص مالًا لتشتري له البضاعة التي تحتاجها -كوكيل عنه-؛ فإن اشتريتَها وقبضتَها نيابة عن صاحبها؛ صارت أمانة في يدك، ويقع ضمانها في هذه الفترة على مالكها، لا على وكيله، وبعد ذلك تتّفق معه على شرائها مرابحةً إلى أجل معلوم بثمن معلوم، وينتقل ضمانها إليك بقبضها من نفسك، وهذا بناء على القول الراجح عندنا من جواز شراء الوكيل من نفسه بإذن موكّله، وراجع في ذلك الفتوى: 378469.

وأما توكيل الآمر بالشراء في بيع المرابحة خصوصًا؛ فقد نصّ على صحّته قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم: (13) بشأن استفسارات البنك الإسلامي للتنمية، حيث نصّ في خصوص عمليات البيع بالأجل مع تقسيط الثمن، على اعتماد المبادئ التالية فيها:

المبدأ الأول: أن الوعد من البنك الإسلامي للتنمية ببيع المعدات إلى العميل بعد تملّك البنك لها أمر مقبول شرعًا.

المبدأ الثاني: أن توكيل البنك أحد عملائه بشراء ما يحتاجه ذلك العميل من معدات وآليات ونحوها مما هو محدد الأوصاف والثمن لحساب البنك، بغية أن يبيعه البنك تلك الأشياء بعد وصلها وحصولها في يد الوكيل، وهو توكيل مقبول شرعًا. والأفضل أن يكون الوكيل بالشراء غير العميل المذكور، إذا تيسر ذلك.

المبدأ الثالث: أن عقد البيع يجب أن يتم بعد التملّك الحقيقي للمعدّات والقبض لها، وأن يبرم بعقد منفصل. اهـ.

والتطبيق الشرعي لهذا القرار يكون بفصل العقدين، وألا يكون أحدهما شرطًا في الآخر، قال الدكتور علي السالوس في بحثه: (‌‌المرابحة للآمر بالشراء نظرات في التطبيق العملي) المقدّم لمجمع الفقه الإسلامي، والمنشور في مجلة المجمع، قال: يوكّل ‌المصرف أحدًا بالشراء، وبعد أن يتم الشراء، وتصبح السلعة أمانة في يد الوكيل، يطلب المصرف منه بيعها مرابحة، بشروط معينة، إذا رغب الوكيل في الشراء لنفسه بهذه الشروط؛ جاز بموافقة المصرف، وإذا لم يرغب، ولم يتمكن من بيعها بهذه الشروط؛ ظلت أمانة عنده. أجاز المجمع هذه الصورة. اهـ.

وجاء في المعايير الشرعية الصادرة عن هيئة المراجعة والمحاسبة الشرعية للمؤسسات المالية الإسلام، في المعيار رقم: (8) المتعلق بالمرابحة: الأصل أن تشتري المؤسسة السلعة بنفسها مباشرة من البائع، ويجوز ذلك عن طريق وكيل غير الآمر بالشراء، ولا تلجأ لتوكيل العميل (الآمر بالشراء) إلا عند الحاجة الملحّة، ولا يتولّى الوكيل البيع لنفسه، بل تبيعه المؤسسة بعد تملّكها العين؛ وحينئذ يراعى ما جاء في البند (3/1/5). اهـ.

ونصّ هذا البند هو: يجب الفصل بين الضمانين: ضمان المؤسسة، وضمان العميل الوكيل عن المؤسسة في شراء السلعة لصالحها، وذلك بتخلّل مدة بين تنفيذ الوكالة وإبرام عقد المرابحة من خلال الإشعار من العميل بتنفيذ الوكالة والشراء، ثم الإشعار من المؤسسة بالبيع. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني