السؤال
ابن عمي عليه دين كبير، وهو يجمع من أصحابه الفلوس، ويقول لهم: إنها لشخص مدين، ولا يقول لهم مَنْ هذا المدين، وهم لا يسألونه.
ولكنه أحياناً يضطر إلى أن يغير فيقول مثلا: توجد امرأة كبيرة في السن عليها ديون، ومرة أخرى يقول: إن شابًّا عمل حادثًا، وعليه ديون ومصاريف.
ويأخذ هذه الفلوس، فيسدد بها ديونه، ويصرف منها على بيته. فهل يجوز هذا الفعل؟ وهل تحل له هذه الفلوس؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالوكيل أمين على ما تحت يده، ولا يجوز له التصرف فيه بما يخالف شرط الموكل، فإن شرط المتبرع على الوكيل ألا ينفق على نفسه من الصدقة، فلا يجوز له ذلك، ولو كان محتاجا.
وأما إذا لم يشترط ذلك، وإنما أراد أن تصل صدقته لأي محتاج، ففي جواز أخذه منها لنفسه خلاف بين أهل العلم، سبق أن بيناه في الفتاوى: 141433، 19458، 211735.
وعلى القول بالجواز؛ فلا يحرم على ابن عم السائل أن يأخذ ما جمعه لسداد الديون من غير قيد ولا صفة، ويسدد به دينه، دون أن ينفقه على بيته.
والأحوط، والأبرأ للذمة، والأبعد عن التهمة، ألا يأخذ من ذلك المال شيئا مالم يُعلم المتبرعين بكونه قد يأخذ لنفسه.
قال ابن رجب الحنبلي في القواعد: الْمَأْذُونُ له أن يَتَصَدَّقَ بِمَالٍ، هل له أن يَأْخُذَ مِنْهُ لِنَفْسِهِ إذا كان من أهل الصدقة؟ المذهب: أنه لا يجوز، ونص عليه أحمد في رواية ابن بَخْتَانِ، وَذَكَرَ فِي الْمُغْنِي احتمالين آخرين: أحدهما: الجواز مطلقا. والثاني: الرجوع إلى الْقَرَائِنِ، فإن دلت قرينة على الدُّخُولِ جَازَ الْأَخْذُ، أَوْ عَلَى عَدَمِهِ لَمْ يَجُزْ، وَمَعَ التَّرَدُّدِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ... وَلَكِنَّ الْأَوْلَى: سَدُّ الذَّرِيعَةِ؛ لِأَنَّ مُحَابَاةَ النَّفْسِ لَا تُؤْمَن. انتهى
وما جمعه على صفة معينة، أو بقيد معين، مما تتعلق به مقاصد المتبرعين، كامرأة كبيرة في السن، أو شاب وقع عليه حادثة، وعليه مصاريف، فهذا ونحوه يلزم التقيد بالصفة التي ذكرت للمتبرع، وإلا وجب عليه رد المال للمتبرع نفسه، أو استئذانه في غير الصفة السابقة.
ولمزيد من الفائدة انظر الفتوى: 477016 .
والله أعلم.