الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسألة الائتمام في حال وجود جماعتين في المسجد

السؤال

كنت قد سمعت بفتوى في مسألة إدراك الجماعة الأولى في التشهد مع وجود جماعة ثانية حاضرة، وكان في ذلك تفصيل وهو: إذا كان الإمام في الجماعة الأولى إماما راتبا فيجب الدخول معهم في الصلاة وعدم انتظار الجماعة الثانية، وإذا كان غير راتب مثلاً المساجد التي في الأسواق والمجمعات التجارية فأي شخص من الحاضرين يؤم المصلين، في هذه الحالة يفضل الالتحاق بالجماعة الأولى.
فهل من نص أو دليل على هذا الكلام؟
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد بينا حكم هذه المسألة في فتاوى متعددة، منها الفتويان: 24228، 482110 .

وأما سؤالك: هل هناك نص أو دليل على هذا التفصيل؟

فالجواب أن هذه المسائل من مسائل الاجتهاد التي ليس فيها نص يخصها، وإنما استنبط العلماء هذا التفصيل من النصوص العامة والقواعد الشرعية.

وقد ذكر هذه المسألة شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- في مجموع الفتاوى فقال: إذَا كَانَ الْمُدْرَكُ أَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ وَكَانَ بَعْدَهَا جَمَاعَةٌ أُخْرَى فَصَلَّى مَعَهُمْ فِي جَمَاعَةٍ صَلَاةً تَامَّةً فَهَذَا أَفْضَلُ؛ فَإِنَّ هَذَا يَكُونُ مُصَلِّيًا فِي جَمَاعَةٍ؛ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ.

وَإِنْ كَانَ الْمُدْرَكُ رَكْعَةً أَوْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ وَقُلْنَا إنَّهُ يَكُونُ بِهِ مُدْرِكًا لِلْجَمَاعَةِ؛ فَهُنَا قَدْ تَعَارَضَ إدْرَاكُهُ لِهَذِهِ الْجَمَاعَةِ وَإِدْرَاكُهُ لِلثَّانِيَةِ مِنْ أَوَّلِهَا؛ فَإِنَّ إدْرَاكَ الْجَمَاعَةِ مِنْ أَوَّلِهَا أَفْضَلُ. كَمَا جَاءَ فِي إدْرَاكِهَا بِحَدِّهَا فَإِنْ كَانَتْ الْجَمَاعَتَانِ سَوَاءً فَالثَّانِيَةُ أَفْضَلُ، وَإِنْ تَمَيَّزَتْ الْأُولَى بِكَمَالِ الْفَضِيلَةِ أَوْ كَثْرَةِ الْجَمْعِ أَوْ فَضْلِ الْإِمَامِ أَوْ كَوْنِهَا الرَّاتِبَةَ فَهِيَ فِي هَذِهِ الْجِهَةِ أَفْضَلُ، وَتِلْكَ مِنْ جِهَةِ إدْرَاكِهَا بِحَدِّهَا أَفْضَلُ، وَقَدْ يَتَرَجَّحُ هَذَا تَارَةً، وَهَذَا تَارَةً.

وَأَمَّا إنْ قَدَّرَ أَنَّ الثَّانِيَةَ أَكْمَلُ أَفْعَالًا وَإِمَامًا أَوْ جَمَاعَةً فَهُنَا قَدْ تَرَجَّحَتْ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ.

وَمِثْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَمْ تَكُنْ تُعْرَفُ فِي السَّلَفِ إلَّا إذَا كَانَ مُدْرِكًا لِمَسْجِدِ آخَرَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ إمَامَانِ رَاتِبَانِ، وَكَانَتْ الْجَمَاعَةُ تَتَوَفَّرُ مَعَ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ صَلَاتَهُ مَعَ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ فِي الْمَسْجِدِ جَمَاعَةً وَلَوْ رَكْعَةً خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَلَوْ كَانَ جَمَاعَةً. اهــ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني