الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كتابة طالب الطب سيرة مرضية تَخَيُّلِيَّة وتقديمها على أنها سيرة حقيقية

السؤال

نحن طلبة في السنوات السريرية من كلّية الطب، ويُطلَب منّا أسبوعيًا أن نذهب إلى المستشفى لأخذ سيرة مرضيّة من أحد المرضى، ومن ثم كتابتها بطريقة معيّنة، وتسليمها للمشرف حتى يُصلِّحها، ويضع لنا تقييما لهذه السيرة المرضية من مائة، وهكذا يُطلَب من جميع من في الدّفعة، والسؤال هو: يقوم بعض الطّلبة بكتابة سيرة مرضيّة تخيّليّة، أو يستعين بتقنيات الذكاء الاصطناعي - يعني أنه يكتبها بنفسه دون أن يسأل المرضى- مع العلم أن الدكتور المشرف لا يعلم بذلك، فهل يحلُّ لهم هذا الفعل؟ أم يعتبر خديعة وغِشًّا؟
وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فما يفعله زملاؤك الطلبة مما ذكرته في سؤالك حرام؛ إذا كانت الكلية تمنع من ذلك، لأنه كذب وغِش، ومخالف لشروط الدراسة، والتخرُّج في الكلية، وطالما أن كتابة هذه التقارير الطبية مِن متطلبات، وشروط التخرج، فلا يجوز تزويرها، أو اختلاقها بأية وسيلة؛ فقد حرَّم الله تعالى الكذب والغش، وأمر بالوفاء بالعهود، والشروط، فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ {المائدة:1}.

وَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: المُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ. رواه البخاري تعليقًا، وأبو داود.

وقال أيضًا: إِنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفُجُورِ، وَإِنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا. رواه البخاري، ومسلم.

وقال: مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا. رواه مسلم.

وقال سبحانه وتعالى في التحذير من قول الزور -ومنه تزوير الشهادات والوثائق-: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ {الحج: 30}.

وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ؟ قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ -وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ- فَقَالَ: أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ، أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ، فَمَا زَالَ يَقُولُهَا، حَتَّى قُلْتُ: لاَ يَسْكُتُ! رواه البخاري.

قال الحافظ ابن حجر في كتابه فتح الباري شرح صحيح البخاري: وَضَابِطُ الزُّورِ: وَصْفُ الشَّيْءِ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ بِهِ. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني