السؤال
أعمل في أكاديمية لتعليم القرءان، واللغة العربية، وأثناء عملي مع إحدى الطالبات طلبت ولية أمرها أن يشترك أولاد صديقتها، فسألتها: معي مباشرة، أم مع الأكاديمية، فقالت لي: نشترك معك، حتى لا تدرس الأولاد معلمة أخرى، إذا اشتركنا مع الأكاديمية. وحصل موقف مشابه، أرادت ولية أمر أخرى أن يشترك أخ الطالب الذي يدرس معي، وكانت تريدني أنا أن أدرس لها، سألتها أيضا معي مباشرة، أم مع الأكاديمية؟ وحينها كان معي خلاف مادي مع الأكاديمية، وأخبرت ولية الأمر بذلك، وأنني لا أريد أن أدرس طالبا آخر تبع الأكاديمية، واشترك الطالب معي، ولكن بعدها بفترة حل الخلاف بيني، وبين الأكاديمية، وقبلت طلابا معهم.
أسأل ما حكم هؤلاء الأولاد؟ علما بأن طلبهم للاشتراك بناء على أدائي معهم، والأكاديمية ليس لها دور سوى توصيلي بالطالب.
إن كان حراما ما فعلته، ماذا أفعل في الأموال التي جمعتها، وهل أترك الطلاب، أم ماذا؟ وهل يجوز إخبار أولياء الأمور أنني أدرس خارج الأكاديمية ليس بغرض أخذ الطلاب المشتركين في الأكاديمية بالفعل، ولكن بغرض أنهم إذا أخبروا أصدقاءهم، أو جيرانهم عني، وعن أدائي، فيكون الاشتراك معي مباشرة؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على السائلة فيما فعلت، ولا فيما أرادت فعله؛ فإن المحظور هو العمل مع الطلاب المشتركين في الأكاديمية، أو الذين ركنوا للاشتراك فيها؛ لأنه قد ثبت في الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن البيع على بيع أخيه، وعن السوم على سومه.
وفي معنى ذلك: الإجارة على إجارته. كما نقل ابن عابدين في حاشيته عن الخير الرملي: ويدخل في السوم الإجارة، إذ هي بيع المنافع. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في «الفتاوى الكبرى»: ومما هو كالبيع بطريق الأولى إجارته على إجارة أخيه. اهـ. وقال في موضع آخر: إذا ركن المؤجر إلى شخص ليؤجره لم يجز لغيره الزيادة عليه، فكيف إذا كان المستأجر ساكنا في الدار، فإنه لا تجوز الزيادة على ساكن الدار. اهـ.
ونقل ذلك ابن القاسم في «الإحكام شرح أصول الأحكام» ثم قال: ومثله من يعمل له عملا. اهـ.
وقال ابن القيم في «إعلام الموقعين»: المعنى الذي حرم الشارع لأجله ذلك لا يختص بحالة الخيار، بل هو قائم بعد الركون، والتراضي، وإن لم يعقداه، كما هو قائم بعد العقد. اهـ.
وأما من لم يشترك في الأكاديمية، ولم يركن لذلك، أو يعزم عليه، فلا حرج في العمل معه؛ عملا بأصل الجواز.
قال السرخسي في «المبسوط»: هذا النهي بعد ما ركن أحدهما إلى صاحبه، فأما إذا ساومه بشيء، ولم يركن أحدهما إلى صاحبه، فلا بأس للغير أن يساومه. اهـ.
وقال ابن أبي زيد القيرواني في «الرسالة»: ولا يسوم أحد على سوم أخيه، وذلك إذا ركنا، وتقاربا؛ لا في أول التساوم. اهـ.
وقال المرداوي في «الإنصاف»: سومه على سوم أخيه محرم مع الرضى صريحا، على الصحيح من المذهب ... وإن حصل الرضى ظاهرا لم يحرم السوم على الصحيح من المذهب ... ولو تساوى الأمران: لم يحرم، على الصحيح ... وأما إذا ظهر منه ما يدل على عدم الرضى، فإنه لا يحرم، قولا واحدا ... وسوم الإجارة كالبيع .. وكذا استئجاره على إجارة أخيه. اهـ. باختصار.
وانظري للفائدة الفتويين: 486403، 461140.
والله أعلم.