السؤال
يأتيني مال من عملي عبر الإنترنت بالعملة الصعبة، ولكن المشكلة أنه لا توجد طريقة لسحب واستخراج المال؛ فأقوم بتحويل المال لحساب شخص آخر، وهو يحول لي المبلغ بالعملة المحلية ويأخذ عمولته. وقد يأخذ الأمر ساعات ما بين تحويلي له وتحويله لي؛ لأنه موظف ولديه طلبات تحويل كثيرة فيأخذ الأمر وقتا.
هذا بيع عملات ويسمى صرفا، وإذا حصل تأخير ولم يتحقق شرط الاستلام باليد في نفس الوقت يعتبر ربا نسيئة. لكن في حالتي هذه ما الحكم؟
مع العلم أنه لا توجد طريقة أخرى للسحب؛ فبلدي محظور فيه سحب المال من المواقع، وليست لي قدرة على فتح حساب من بلد آخر بسبب الحظر.
وإن كان ذلك لا يصح. فما الحل؟
أفيدوني بارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان ما يتم بينك وبين هذا الشخص هو أنه يشتري منك العملة الأجنبية بعملة محلية؛ فهذا صرف، ويلزم فيه التقابض في مجلس العقد.
والتقابض نوعان: حقيقي وهو ما كان يدا بيد، ونوع حكمي ويقوم مقام الحقيقي.
ومن القبض الحكمي القيد المصرفي في حال أودع أحد الطرفين المال في حساب الطرف الآخر مباشرة، أو بحوالة مصرفية.
جاء في قرار مجمع الفقه: من صور القبض الحكمي المعتبرة شرعًا وعرفًا: القيد المصرفي لمبلغ من المال في حساب العميل في الحالات التالية:
(أ) إذا أُودع في حساب العميل مبلغ من المال مباشرة أو بحوالة مصرفية.
(ب) إذا عقد العميل عقد صرف ناجز بينه وبين المصرف في حالة شراء عملة بعملة أخرى لحساب العميل.
(ج) إذا اقتطع المصرف - بأمر العميل - مبلغًا من حساب له إلى الحساب آخر بعملة أخرى، في المصرف نفسه أو غيره، لصالح العميل أو لمستفيد آخر، وعلى المصارف مراعاة قواعد عقد الصرف في الشريعة الإِسلامية.
ويغتفر تأخير القيد المصرفي بالصورة التي يتمكن المستفيد بها من التسلم الفعلي، للمدد المتعارف عليها في أسواق التعامل. على أنه لا يجوز للمستفيد أن يتصرف في العملة خلال المدة المغتفرة، إلاَّ بعد أن يحصل أثر القيد المصرفي بإمكان التسلم الفعلي. اهـ.
وعليه؛ فيلزم لصحة الصرف وجود قبض حقيقي أو حكمي. فإذا تعذر ذلك ولم يكن بد من تأخر القبض فنرجو ألا تؤاخذ للضرورة؛ فإن الضرورات تبيح المحظورات، لقول الله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام: 119].
ولذلك سبق معنا في الفتوى: 5446 بيان أن أحد وجهي جواز تحويل الأموال من بلد لبلد: "أن هذه مسألة ضرورة، فيتجاوز فيها ما لا يتجاوز في غيرها".
والله أعلم.