السؤال
كنت في شقة مستأجرة مع أختي منذ بضع سنوات. وعند مغادرتنا فوجئنا بالمالك يخصم مبلغا من التأمين قائلا إنه سيستخدمه ليجلب عاملا لينظف الشقة للمستأجر الجديد. غضبت أختي وقررت أخذ شيء من الشقة -لم يلاحظ- يساوي مبلغ التأمين. نهيتها، لكنها أقنعتني أنه حقنا.
إذا كان المبلغ بسيطا هل التوبة إلى الله، والتصدق بما يعادل ما أخذناه يكفي؟ أم يجب علي أن أعود إلى المالك وأعطيه هذا المبلغ من المال؟
وإن كان هذا هو التصرف الصحيح هل أخبره أننا أخذنا شيئا من الشقة؟
هذا الموضوع يؤرقني، وأخاف أن يغضب الله علي إن لم أعد الحقوق إلى أصحابها.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاستحقاق المالك لخصم أجرة عامل النظافة من مبلغ التأمين محل نظر، وحكمه متعلق بشروط العقد، أو العرف المطرد في هذه البلدة.
وعلى أية حال، فإن هذا لا يبيح لكم أخذ شيء من محتويات الشقة دون علم مالكها، فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ {النساء: 29}.
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في خطبته في حجة الوداع في أيام التشريق: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا إلى يوم تلقونه ... ألا لا تظلموا، ألا لا تظلموا، ألا لا تظلموا؛ إنه لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد، وحسنه الألباني.
والخصومة التي أشرنا لها في صدر الجواب لا تبرر ذلك أبدا، ولو بناء على مسألة الظفر بالحق: فهذا إنما يكون عند ثبوت الحق دون لبس، وعدم القدرة على أخذه إلا بهذه الطريقة. ومع ذلك فهي محل خلاف بين أهل العلم.
والقول الوسط في هذه المسألة هو الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم، وهو التفريق بين ما إذا كان سبب الحق ظاهرا، فلا ينسب صاحبه للخيانة بأخذه، وما إذا كان خفيا، فينسب صاحبه للخيانة بأخذه، كما هو الحال هذا السؤال. وراجعي في ذلك الفتوى: 152593.
وعلى ذلك؛ فإن يجب عليكم أن تستحلوا من صاحب الشقة، فإن عفا عن حقه، وإلا وجب عليكم رد ما أخذتموه من شقته إليه، وإن تلف أو فُقِد فردوا قيمته. ولا يجزئ التصدق به عنه ما دام رده إليه ممكنا.
وراجعي في ذلك الفتاوى: 139763، 236332، 259096.
والله أعلم.