السؤال
تعهدت بمبلغ لبناء مسجد، وقد اكتمل البناء وبقي من المبلغ شيء يسير؛ فقررت المساعدة في بناء مساجد في دولة أخرى، ولكن عند تحويل المبلغ إلى عملة تلك الدولة نقص من المبلغ ما يعادل 25% من المبلغ.
هل أقوم بتعويض النقص من مالي الخاص، أم ليس علي شيء في هذا؟
شكراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مجرد التعهد بفعل القُرُبات لا يصيرها واجبة ما لم يكن ذلك على وجه الالتزام، أو يكن عهدا مع الله.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الفتاوى الكبرى: فإذا قال: أعاهدُ الله أني أحج العام؛ فهو نذر وعهد ويمين. وإن قال: لا أكلم زيداً؛ فيمين وعهد، لا نذر. اهـ.
وانظر الفتوى: 29746.
وثمرة هذا التفصيل أن ما كان نذراً وأمكنه فعله لزمه ذلك ولم تُجْزِه كفارة يمين، أما ما كان يميناً فهو مخير بين أن يمضي -إن كان في غير معصية- أو يكفر كفارة يمين.
وعليه؛ فإن كنت لم تلزم نفسك بما تعهدت به، فلا حرج عليك في تحويل هذا المبلغ للمساعدة في بناء مسجد آخر غير الذي عيّنته أولاً، ولا يلزمك أن تعوض النقص الحاصل من تحويل العملة إلى عملة الدولة أخرى.
وأما إذا كان التعهد على وجه الالتزام، أو كان عهداً لله تعالى وحصل التلفظ بذلك، فإن ذلك نذر؛ لأنه كان في قربة وهي التصدق لبناء مسجد، فيلزمك ذلك.
وأما تحويل ما تبقى من المال المنذور إلى مسجد آخر، فإن ذلك جائز إذا تعذر الانتفاع بهذا المال في المسجد الذي عيّنته -أولاً-؛ لما فيه من منفعة تتفق في الأصل مع قصد الناذر من نذره.
قال ابن قدامة في المغني: وما فضل من حُصُر المسجد وزيته، ولم يحتج إليه، جاز أن يُجعل في مسجد آخر، أو يتصدق من ذلك على فقراء جيرانه وغيرهم، وكذلك إن فضل من قصبه أو شيء من نقضه. قال أحمد في مسجد بني فبقي من خشبه أو قصبه أو شيء من نقضه، فقال: يُعان في مسجد آخر. اهـ.
وفي هذه الحال فمؤنة تحويل المال من عملة بلدك إلى عملة بلد آخر، وما ينتج عنه من نقص في المال المنذور، يلزمك تعويضه من مالك الخاص لا من المال المنذور.
قال النووي -رحمه الله- في المجموع: إن كان نذر أن يهديه إلى مكان معين واحتاج إلى مؤنة لنقله لزمه تلك المؤنة من ماله، لا من المنذور. اهـ.
والله أعلم.