السؤال
أنا شاب في بداية الثلاثينيات. أعيش مع والدي. أريد الزواج، لكن والدي يمر بأزمة مالية، أريد تحصين نفسي، وبنفس الوقت لا أريد التخلي عن أسرتي،
ومساعدتهم ماديا. أخاف أن أعصي الله إن خرجت من بيت الوالدين، فأفتوني.
أنا شاب في بداية الثلاثينيات. أعيش مع والدي. أريد الزواج، لكن والدي يمر بأزمة مالية، أريد تحصين نفسي، وبنفس الوقت لا أريد التخلي عن أسرتي،
ومساعدتهم ماديا. أخاف أن أعصي الله إن خرجت من بيت الوالدين، فأفتوني.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كنت لا تستطيع الجمع بين تحصين نفسك بالزواج، والإنفاق على والديك – فابدأ بنفسك، وتزوَّج، وذلك لأنَّ مَن كان قادرًا على مؤنة النكاح، ويخشى على نفسه الوقوع في الزنا - فإنَّ الزواج يكون واجبًا عليه حينئذٍ، ويكون زواجه مقدمًا على نفقة والديه؛ لأنَّ الزواج داخل في نفقة الإنسان على نفسه، وهي مقدمة على النفقة على والديه، وكذلك نفقته على زوجته تُقدم على نفقته على والديه، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ابْدَأْ بِنَفْسِكَ، فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ، فَلِأَهْلِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ، فَلِذِي قَرَابَتِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ ذِي قَرَابَتِكَ شَيْءٌ، فَهَكَذَا، وَهَكَذَا يَقُولُ: فَبَيْنَ يَدَيْكَ، وَعَنْ يَمِينِكَ، وَعَنْ شِمَالِكَ. رواه مسلم.
قال البُهوتي في (كشاف القناع): وَيَبْدَأُ مَنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهُ مَا يَكْفِي جَمِيعَ مَنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى نَفْسِهِ؛ لَحَدِيثِ "ابْدَأْ بِنَفْسِكَ"، فَإِنْ فَضَلَ عَنْهُ نَفَقَةُ وَاحِدٍ فَأَكْثَرَ - بَدَأَ بِامْرَأَتِهِ؛ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى سَبِيلِ الْمُعَاوَضَةِ، فَقُدِّمَتْ عَلَى الْمُوَاسَاةِ، وَلِذَلِكَ وَجَبَتْ مَعَ الْيَسَارِ، وَالْإِعْسَارِ، ثُمَّ بِرَقِيقِهِ؛ لِأَنَّ نَفَقَته تَجِبُ مَعَ الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ، ثُمَّ بِالْأَقْرَبِ، فَالْأَقْرَبِ؛ لِحَدِيثِ طَارِقٍ الْمُحَارِبِيِّ: "ابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ؛ أُمَّكَ، وَأَبَاكَ، وَأُخْتَكَ، وَأَخَاكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ، أَدْنَاكَ"، أَيْ الْأَدْنَى، فَالْأَدْنَى؛ وَلِأَنَّ النَّفَقَةَ صِلَةٌ، وَبِرٌّ، وَمَنْ قَرُبَ أَوْلَى بِالْبِرِّ مِمَّنْ بَعُدَ. انتهى.
هذا؛ ولا تجب نفقة الوالدين على الولد، إلا إذا كانا فقيرين، وكان هو غنيًا، فإن كان فقيرًا لم تجب عليه نفقتهما.
والذي ننصحك به أن تبين لوالديك حقيقة الحال، واحتياجك الشديد للزواج، وأنَّك لن تتخلى عنهما بقدر المستطاع. ولك أن توسط شخصًا يثقان به للحديث معهما، ومحاولة إقناعهما نيابة عنك، مع لزوم الدعاء بتيسير أمر الزواج، والإعانة على بر الوالدين.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني