السؤال
كان أبي يعاني من مرض ثنائي القطب، ولا يأخذ علاجا، وكانت طباعه صعبة، ولم نستطع أن نجبره على أخذ العلاج، وأنا ابنته الوحيدة، وكان كافرا، وكان يقوم ببث يدعو الناس للكفر، وأنا مؤمنة بالله، والرسول صلى الله عليه وسلم، وأصلي -والحمد لله، لكنني أحب والدي، ولا أدري هل أستطيع أن أدعو لوالدي بالرحمة، أو أقوم بعمل يساعده، ليغفر الله له، وقد توفي منذ شهر فجأة؟ وهل يمكن أن يكون المرض هو السبب في الهلوسة في الدين، وأن القلم مرفوع عنه؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما المؤاخذة بالمرض المذكور: فما دام المريض به لم يصل إلى مرتبة فقدان العقل، فهو مؤاخذ، ولا يسقط عنه التكليف، وأما إن زال عقله، فهو غير مؤاخذ، وانظري الفتوى: 393634.
وعموما: فالميت الكافر لا يجوز الدعاء له بحال، ولا ينتفع بما يهدى إليه من عمل صالح، قال تعالى: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ {التوبة: 113}.
وانظري الفتويين: 2859760 396607
وأما من كان مظهرا للإسلام، لكنه يفعل أفعالا كفرية: فالأصل معاملته معاملة المسلمين ظاهرا، ما دام لم يحكم قاض بكفره، وحينئذ يجوز الدعاء، والاستغفار له،
وعلى كل: فالمخرج لكِ: هو الدعاء، والاستغفار الملعق بالشرط، كأن تقولي: اللهم إن كان والدي مسلما فارحمه، واغفر له، ونور قبره، وهكذا.
جاء في أعلام الموقعين لابن القيم: وكذلك المصلي على الميت شرع له تعليق الدعاء بالشرط، فيقول: اللهم أنت أعلم بسره، وعلانيته، إن كان محسنا، فتقبل حسناته، وإن كان مسيئا، فتجاوز عن سيئاته؛ فهذا طلب للتجاوز عنه بشرطه، فكيف يمنع تعليق التوبة بالشرط؟ وقال شيخنا ابن تيمية: كان يشكل علي أحيانا حال من أصلي عليه من الجنائز، هل هو مؤمن، أو منافق؟ فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، فسألته عن مسائل عديدة منها هذه المسألة، فقال: يا أحمد الشرط، الشرط، أو قال: علق الدعاء بالشرط. اهـ.
وانظري الفتوى: 130445
والله أعلم.