السؤال
اشتريت حاسوبا من شخص، وقد أخبرني غير واحد أن سعره أقل من النصف، وأنني خُدعت. وعندما كلمت البائع تعلل بأنه من نوعية جيدة، وأنه أوروبي. لكنني أرى بأنني خدعت، فالحاسوب يتعطل بسرعة، وهو رديء، ولا أريد أن أخدع شخصا آخر، وأبيعه له، وأريد إعادة بيعه للبائع، وأعلم أنه سيحتال به على شخص آخر. فهل يجوز ذلك، فهو كما قيل لي سعره الحقيقي أقل من نصف الذي اشتريته به، وإذا بعته للبائع نفسه فلن أخسر كثيرا؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على السائل في إعادة بيع هذا الحاسوب لمن باعه له، وما ذكره من علمه أن هذا البائع سيحتال في بيعه على شخص آخر، لا يتغير معه حكم السائل، فإنه مسؤول عن فعله نفسه، لا عن فعل غيره، فإذا أخطأ البائع بعد ذلك فإثمه على نفسه، لا على السائل، كما قال تعالى: وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ {النساء: 111}.
قال الطبري في تفسره: يعني بذلك جل ثناؤه: ومن يأت ذنبًا على عَمْدٍ منه له، ومعرفة به، فإنما يجترح وَبَال ذلك الذنب، وضُرَّه، وخِزْيه، وعاره على نفسه، دون غيره من سائر خلق الله. اهـ.
وقال سبحانه: لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ {النساء: 84}.
قال الواحدي في الوجيز: أَيْ: إلاَّ فعلَ نفسك، على معنى: أنَّه لا ضرر عليك في فعل غيرك. اهـ.
وقال تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ {المائدة: 105}.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -كما في مجموع الفتاوى: إنما يتم الاهتداء إذا أطيع الله، وأدي الواجب من الأمر والنهي، وغيرهما. اهـ.
وقال في بيان تلبيس الجهمية: فمن الاهتداء القيام بما يجب من الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر. اهـ.
وعلى ذلك، فالمطلوب من السائل أن ينصح هذا البائع بالصدق، والأمانة في بيعه وشرائه، ويأمره بالمعروف، وينهاه عن المنكر، فإذا فعل هذا، فلا تضره خطيئة البائع بعد ذلك.
والله أعلم.