الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالنيابة في الحج أو العمرة الواجبين لا تكون إلا عمن عجز ببدنه، فمن كان قادرًا على الحج والاعتمار ببدنه لا تصح النيابة عنه في الفريضة.
قال ابن قدامة في المغني: فصل: لا يجوز أن يستنيب في الحج الواجب من يقدر على الحج بنفسه إجماعًا.
قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن من عليه حجة الإسلام وهو قادر على أن يحج، لا يجزئ عنه أن يحج غيره عنه. انتهى.
أما حج التطوع وعمرة التطوع، فقد اختلف العلماء هل يجوز للقادر عليهما ببدنه أن يستنيب؟
فقد أجاز ذلك الحنابلة في معتمد مذهبهم، ومنعه الجمهور.
جاء في الروض المربع للبهوتي الحنبلي: ويصح أن يستنيب قادر وغيره، في نفل حج، أَو بعضه. انتهى.
وعلَّق ابن قاسم في حاشيته على الروض، فقال: كالصدقة، ولأنها لا تلزم القادر، ولا غير القادر بنفسه، فجاز أن يستنيب فيها، كالمعضوب، وعنه: لا يستنيب.
قال في المبدع: ومحلها إذا أدى حجة الإسلام، وهو قادر على الاستنابة عليها بنفسه، أما لو كان قادرًا، ولم يؤد الفرض، لم يصح أن يستنيب في التطوع؛ لأنه ممنوع بنفسه، فنائبه أولى. ذكره الموفق والشارح. انتهى.
كما اختلف العلماء في تعيين المكان الذي يحرم منه النائب حيث جازت النيابة في الحج أو العمرة - بأن كان ذلك في حج التطوع، أو عمرة التطوع -على مذهب من يجيز ذلك للقادر- أو كان في حج الفريضة، أو عمرة الفريضة لمن كان عاجزا ببدنه.
فمذهب الحنابلة اشتراط أن يكون إحرام النائب من بلد المستنيب.
وقال كثير من أهل العلم: يجزئ أن يحرم عنه من ميقاته، وهو قول بعض الحنابلة كما في الإنصاف. وتُنظر الفتوى: 32139.
وعلى هذا القول، فعلى النائب أن يحرم من الميقات الذي كان المستنيب سيحرم منه.
وانظري الفتوى: 32139.
والاستنابة في الحج والعمرة عن الميت تصح في قول عامة العلماء، بل كل قربة وهب ثوابها للميت نفعه بإذن الله.
وانظري الفتوى: 111133.
والخلاصة أنه لا تصح النيابة عن الحي في حج الفريضة وعمرتها إذا كان الحي قادرا ببدنه، ويجوز عند الحنابلة أن يستنيب في النافلة، ويجوز أن يستنيب مكيا أو غير مكي، والأحوط للنائب أن يحرم من ميقات المستنيب، ويجوز أن يستناب عن الميت من يحج ويعتمر عنه بكل حال.
وللفائدة، راجعي الفتوى: 7019.
والله أعلم.