السؤال
أنا متزوجة، وعندي: 3 أطفال، يقيمون في مصر، وزوجي متزوج من أخرى مقيمة في بلد عربي، وتنزل في الإجازات كل فترة -أحيانا 15 يوما، وأحيانا تنزل شهرا- وزوجي يريد أن يقضي هذه الفترة كلها معها، وينام عندها يوميا، ويتركني كل هذه المدة.
فهل هذا من شرع الله؟ وأنا لا أطيق أن ينقطع عني زوجي كل هذه المدة، ولي احتياجاتي كزوجة، وهي عندما قبلت الزواج منه كانت على دراية كاملة بظروفه.
فهل ذنبي أنه قام باختيار زوجة في هذه الظروف؟ وما هو العدل في ذلك؟ فأنا أحتاج لوجود زوجي، لينام بجواري، ولو ليومين في الأسبوع.
وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من سؤالكِ أن الزوجة الأخرى مقيمة في بلد غير بلد الزوج؛ لأنها تعمل هناك، أو نحو ذلك. وتنزل في إجازاتها للبلد الذي أنتما فيه.
وعلى هذا، فلا حق لها في القَسْم، وإذا عادت للزوج في بلده؛ فلا يجب عليه أن يقضيها ما فاتها من لياليها مدة غيابها، بل الواجب عليه أن يعدل بينكما في القَسْم، فيبيت عندك ليلة، وعندها ليلة، ولكِ أن تؤثريها تفضلاً منك ببعض لياليك، مراعاة لظروفها، وتكونين بذلك من المحسنين، ولكن لا يجب عليك ذلك؛ وذلك لما تقرر عند الفقهاء من أنَّ سفر المرأة إن كان بإذن زوجها، لحاجته هو؛ لم يسقط حقها في القَسْم، ووجب أن يقضي لها ما فاتها من لياليها.
وأما إن كان سفرها لحاجتها هي، كأن تكون موظفة في بلد آخر غير بلد الزوج، أو أن تسافر لزيارة أهلها، أو كان سفرها بغير إذنه؛ فلا قسم لها حينئذٍ.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: يَفُوتُ قَسْمُ إِحْدَى الزَّوْجَاتِ بِسَفَرِهَا.
وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ؛ قَالُوا: إِنْ سَافَرَتْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ؛ لِحَاجَتِهَا، أَوْ حَاجَتِهِ، أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ، فَلاَ قَسْمَ لَهَا؛ لأنَّ الْقَسْمَ لِلأُنْسِ، وَقَدِ امْتَنَعَ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهَا فَسَقَطَ.
وَإِنْ سَافَرَتْ بِإِذْنِهِ لِغَرَضِهِ، أَوْ حَاجَتِهِ، فَإِنَّهُ يَقْضِي لَهَا مَا فَاتَهَا، بِحَسَبِ مَا أَقَامَ عِنْدَ ضَرَّتِهَا؛ لأنَّهَا سَافَرَتْ بِإِذْنِهِ، وَلِغَرَضِهِ، فَهِيَ كَمَنْ عِنْدَهُ، وَفِي قَبْضَتِهِ، وَهُوَ الْمَانِعُ نَفْسَهُ بِإِرْسَالِهَا.
وَإِنْ سَافَرَتْ بِإِذْنِهِ لِغَرَضِهَا، أَوْ حَاجَتِهَا لاَ يَقْضِي لَهَا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَفِي الْجَدِيدِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، لأنَّهَا فَوَّتَتْ حَقَّهُ فِي الاِسْتِمْتَاعِ بِهَا، وَلَمْ تَكُنْ فِي قَبْضَتِهِ، وَإِذْنُهُ لَهَا بِالسَّفَرِ رَافِعٌ لِلإثْمِ خَاصَّةً، وَأَضَافَ الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ سَافَرَتْ لِحَاجَةِ ثَالِثٍ - غَيْرِهَا، وَغَيْرِ الزَّوْجِ - قَال الزَّرْكَشِيُّ: فَيَظْهَرُ أَنَّهُ كَحَاجَةِ نَفْسِهَا، وَهُوَ -كَمَا قَال غَيْرُهُ- ظَاهِرٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ خُرُوجُهَا بِسُؤَال الزَّوْجِ لَهَا فِيهِ، وَإِلاَّ فَيُلْحَقُ بِخُرُوجِهَا لِحَاجَتِهِ بِإِذْنِهِ، وَلَوْ سَافَرَتْ وَحْدَهَا بِإِذْنِهِ لِحَاجَتِهِمَا مَعًا لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهَا، كَمَا قَال الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّفَقَةِ، وَمِثْلُهَا الْقَسْمُ، خِلاَفًا لِمَا بَحَثَهُ ابْنُ الْعِمَادِ مِنَ السُّقُوطِ. انتهى.
والله أعلم.