السؤال
هل صحيح أن سيدنا عمر بن الخطاب عندما أسلم قام بجمع أهل بيته وأعلن لهم إسلامه، فقال له ابنه سيدنا عبد الله بن عمر إنه أسلم منذ سنة، فقال له سيدنا عمر: أو ترضى أن يدخل أبوك جهنم، والله لأوجعنك ضربًا، ويقال أيضًا على لسان سيدنا عبد الله بن عمر، يقول: كثيرًا ما كنت ألقى أبي فيراني وأراه، فكلما رآني نغزني، وقال: حسبنا الله، كنت تريد أن تدخلني جهنم، فهل هذه القصة صحيحة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لم نقف على ما يفيد ثبوت هذه القصة، وأما إسلام ابن عمر قبل أبيه: فقد ذكره بعضهم، ولكنه مردود عند المحققين من أهل العلم، فقد رده نافع مولى ابن عمر -وهو أعلم الناس به- فقد جاء في صحيح البخاري -5/ 128- عن نافع، قال: إن الناس يتحدثون أن ابن عمر، أسلم قبل عمر، وليس كذلك، ولكن عمر يوم الحديبية أرسل عبد الله إلى فرس له عند رجل من الأنصار، يأتي به ليقاتل عليه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع عند الشجرة، وعمر لا يدري بذلك، فبايعه عبد الله، ثم ذهب إلى الفرس، فجاء به إلى عمر، وعمر يستلئم للقتال، فأخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: يبايع تحت الشجرة، قال: فانطلق، فذهب معه حتى بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي التي يتحدث الناس أن ابن عمر أسلم قبل عمر. اهـ.
وقال ابن هبيرة في الإفصاح عن معاني الصحاح -4/ 229- عند الكلام على هذا الحديث: في هذا الحديث كشف ما توهمه الناس من تقديم إسلام ابن عمر على إسلام أبيه، وإنما كان ذلك يوم الحديبية..... اهـ.
وقال ابن الملقن في الإعلام بفوائد عمدة الأحكام -1/ 460: أسلم قديما مع أبيه وهو صغير لم يبلغ الحلم، وبايع قبل أبيه وبعده أدبا، وكان ينكر على من يقول إنه أسلم قبل أبيه... اهـ.
وقال أيضا في التوضيح لشرح الجامع الصحيح -2/ 433: أسلم بمكة قديما مع أبيه وهو صغير، وهاجر معه كما ذكره البخاري في الهجرة، ولا يصح قول من قال: إنه أسلم قبل أبيه وهاجر قبله، واستصغر عن أحد، وشهد الخندق وما بعدها.. اهـ.
وقال السفاريني في كشف اللثام شرح عمدة الأحكام -1/ 195: أسلم مع أبيه بمكة وهو صغير، وقيل: أسلم قبل أبيه، ولم يصح هذا القول... اهـ.
وقال الشيخ محمد الخضر ابن ما يأبى في كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري -1/ 402: أسلم مع أبيه، وهاجر معه، وقول من قال: إنه أسلم قبل أبيه، وهاجر قبله، لا يعبأ به، عرض يوم بدر وأحد فاستصغر، وأجيز في الخندق، وهو ابن خمس عشرة سنة، كما ثبت في الصحيح، وشهد الحديبية، وقال بعض أهل السير: إنه أول من بايع يومئذ، ولا يصح، والصحيح أن أول من بايع تحت الشجرة بيعة الرضوان أبو سنان الأسدي. اهـ.
والله أعلم.